لقد احتدم النزاع بين فرق المسلمين في امكان رؤيته تعالى او عدم امكانها ، فذهبت الفرق المنتسبة الى السنة الى انها ممكنة ولكنهم اختلفوا لعدة اقوال :ـ
- فبعضهم يقول انها يمكن ان تقع في الدنيا والآخرة .
- وبعضهم يقول لا تقع الا في الآخرة ولا يراه الا المؤمنون .
- وقال آخرون انه يرى الله جميع اهل الموقف مؤمنهم وكافرهم .
- وقال آخرون يراه المنافقون دون الكافرين .
والأقوال الثلاثة الأخيرة في مذهب الامام احمد وهي لأصحابه .
فنسبة ثلاثة اقوال متعارضة الى امام واحد يدل على ضعف القاعدة التي بني عليها هذا المعتقد والا فان الحق لا يحتمل هذا الاختلاف المتناقض لوضوح حجته. واذا كانت الرؤية كما يدعون اعظم نعيم ويشاركهم فيها الكافرون والمنافقون فكيف لا يشاركونهم في نعيم الجنة.
وذهب الاباضية والمعتزلة والزيدية والامامية من الشيعة الى عدم امكانية رؤيته تعالى وانها مستحيلة الوقوع في الدنيا والآخرة. وسيأتي ذكر ادلة الطرفين في ذلك بالتفصيل .
ـأدلة مثبتي الرؤية العقلية والنقلية
ـ أ ـ الادلة العقليــــة:ـ
الدليل لأول:ـ ان الله موجود وكل موجود يصح ان يرى .
وأجيب:ـ
ـ انه ليس كل موجود يصح ان يرى ، فالعقل والروح والاصوات لا ترى
ـ لا يصلح قياس الخالق بالمخلوقين لأنه تعالى { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }ـ
ـ ب ـ الادلة النقليـــــة:ـ
الدليل الأول:ـ سؤال موسى عليه السلام الرؤية بقوله { رب أرني انظر اليك }ـ
قالوا لو كانت الرؤية غير جائزة لما سألها موسى عليه السلام لأنه لا يمكن ان يكون جاهلا باستحالتها ، واذا كان عالما باستحالتها فلماذا يطلب المستحيل ؟
وأجيب:ـ
بأن موسى عليه السلام لم يطلب الرؤية لنفسه وانما طلبها لاقناع قومه بدليل: ان الله نسب طلب الرؤية لقوم موسى ووبخهم على ذلك: فقال تعالى { فقد سألوا موسى اكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة}ـ
وقوله تعالى { واذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وانتم تنظرون }ـ
فلماذا نسب الله طلب الرؤية الى قوم موسى اذا كان موسى سألها لنفسه، ولماذا وبخهم الله على هذا الطلب اذا كانوا لا علاقة لهم بالموضوع؟ !ـ
- ولا شك ان موسى عالم باستحالتها ولم يقصد طلب المستحيل وانما اراد اقناع قومه بامتناعها .واعترضوا:ـ بأن اولئك القوم ان كانوا مؤمنين كفاهم قول موسى عليه السلام لأنه رسول مؤيد بالمعجزات وان كانوا كافرين فلن يفيدهم الجواب باستحالتها في هذا الموقف شيئا.
ورد اعتراضهم:ـ بأن القوم ليسو مؤمنين بدليل قوله تعالى: { لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة }ـ فأراد النبي موسى ان يقطع شقاقهم بجواب حاسم من قبل الله عزوجل بتجلي شيء من الآيات يقضي على كل طمع في مطلبهم المستحيل.
واعترضوا على ذلك بأمرين:ـ
ـ1 ـ انه عليه السلام لو لم يسألها لنفسه لما تاب من سؤاله.
ـ 2 ـ انه لو سألها لغيره لم يضفها لنفسه ولقال رب ارهم ينظروا اليك ولم يقل { رب ارني انظر اليك}ـ
واجيبوا عن الاول :ـ ان موسى عليه السلام سارع الى التوبة لشعوره بالتورط بما سأل وان كانت له نية حسنة يعلمها الله تعالى وانما المقام يقتضي الاستئذان من الله تعالى قبل الاقدام على السؤال .
واجيبوا عن الثاني :ـ ان اضافتها لنفسه دونهم ابلغ في اقناعهم باستحالتها فإذا تعذرت عليه فهي عليهم اشد.
الدليل الثاني:ـ قوله سبحانه وتعالى { ولكن انظر الى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني }ـ قالوا ان الله علق الرؤية على استقرار الجبل واستقراره ممكن والمعلق على الممكن ممكن مثله.
واجيب: ـ
بأنه بعدما حصل الاندكاك للجبل علمنا انه كان في علم الله منذ القدم ان الجبل مقضي عليه بالاندكاك ولا تبديل عما في علم الله. اما عدم الاندكاك كان ممكنا في نظر الناس الذين لا يعلمون الغيب . وقوله تعالى {فسوف تراني } ليس وعدا بالرؤية لأنه سبق قوله تعالى { لن تراني }ازال طمع سائلي الرؤية ولكن تعليق الرؤية بالجبل ليرى عجز القوة البشرية عن رؤية الله تعالى مع عدم ثبات قوة الجبل.
الدليل الثالث:ـ احتجوا بما روي عن بعض الصحابة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ربه ليلة الاسراء والمعراج.
اجيبوا:ـ بأن هذا غير صحيح لأن السيدة عائشة رضوان الله عليها قالت ( من زعم ان محمدا رأى ربه فقد اعظم على الله الفرية ) كما جاء ذلك في المسند الرفيع للامام الربيع ومسلم والبخاري.
الدليل الرابع:ـ قوله تعالى { وجوه يو مئذ ناضرة الى ربها ناظرة } قالوا ان الآية دالة على اننا سنرى ربنا يوم القيامة.
اجيبوا : بأن الآية لا تعني الرؤية لعدة وجوه :ـ
ـ 1 ـ ان النظر اعم من الرؤية فهو يأتي بمعنى محاولتها مثل نظرت الى كذا فلم اره مع عدم جواز ان نقول: رأيته فلم اره.
ـ2 ـ ان النظر يأتي بمعنى الانتظار كما في قوله تعالى{ هل ينظرون الا ان يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة }ـ
وفي آية القيامة { وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة } يحمل النظر فيها على انتظار المؤمنين لرحمة ربهم لعدة اسباب:ـ
ـ 3 ـ ابعاد القرآن عن تعارض بعضه لأن تفسيرها بالرؤية يتعارض مع الادلة التي تدل على نفي الرؤية.
ـ 4 ـ لكي يتفق التفسير مع الانسجام في آيات القرآن كما هو المعهود، فالآيات قسمت الناس قسمين :ـ أناس وجوههم مشرقة ينتظرون رحمة الله واناس وجوههم باسرة كالحة ينتظرون العذاب . فنضارة هذه تقابل بسور تلك، وانتظار هذه لرحمة الله يقابله توقع تلك للعذاب .
ـ 5 ـ هذا التأويل يتفق مع آيات سورة عبس في قوله تعالى {وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة، ووجوه يومئذ عليها غبرة، ترهقها قترة }ـ
ـ 6 ـ تقديم المعمول على عامله يؤذن بقصره عليه، فتقديم { الى ربها } على { ناظرة } لو فسرنا الاية بالرؤية لاقتضى انهم لا يرون شيئا الا الله ومن المعروف عقلا ونقلا انهم يرى بعضهم بعضا ورؤيتهم النعيم .
وانكر المثبتون للرؤية تفسير النظر بالانتظار من ثلاثة اوجه:ـ
ـ ان في الانتظار تنغيصا يتنافى مع اكرام الله لعباده المخلصين.
ـ ان تعدية النظر بإلى تمنع من تفسيرها بالانتظار خصوصا اذا اسند الى الوجوه .
ـ ان انتظار رؤية الله حاصل في الدنيا فكيف يوعدون به يوم القيامة .
وكل ذلك مردود: ـ
اما رد الأول :ـ فإن الآيات تتحدث عن الوضع في الموقف قبل دخول الجنة، ومعلوم ان النعيم الذي وعد به المؤمنون في الجنة، فلا بد من انتظاره.
اما رد الثاني :ـ فقد جاء تعدية النظر بإلى وهو يعني الانتظار مثل قول حسان:ـ
وجوه يوم بدر ناظرات ـ الى الرحمن ياتي بالفلاح
فان قيل ان الانتظار محله القلوب لا الوجوه، والوجوه محل الابصار ، وقد يعبر بالوجوه ويقصد بها الانسان يرد بأن الرؤية لا تكون بالوجوه ايضا.
واما رد الثالث :ـ فالناس في الدنيا لا يعرفون مصيرهم ولكن يوم القيامة عرفوا مصيرهم بالبشائر من الملائكة .
الدليل الخامس :ـ قوله تعالى { للذين احسنوا الحسنى وزيادة }ـ
فقد فسروا الحسنى بالجنة والزيادة بالرؤية مستدلين بحديث صهيب عند الشيخين: (( فإذا دخل اهل الجنة الجنة نادى مناد ان لكم عند الله موعد يريد ان ينجزكموه فقالوا الم تبيض وجوهنا وتنجنا من النار، وتدخلنا الجنة، قال فيكشف الحجاب قال: فوالله ما اعطاهم الله شيئا احب اليه من النظر اليه))ـ
وهذا الاحتجاج مردود من عدة وجوه:ـ
اولا:ـ ان لفظة (الزيادة ) غير دالة على الرؤية وضعا ولا استعمالا.
ثانيا:ـ ان الحديث الذي عولوا عليه في تفسيرها دلالته ضعيفة من عدة وجوه:ـ
-أـ ان الحديث آحادي لا يحتج به في الاعتقاد ومعارض لما هو اقوى منه من ادلة نفي الرؤية.
-ب ـ انه يتعارض مع ما فسروا به آية القيامة من حصول الرؤية في الموقف والحديث يدل حسب تفسيرهم انها تكون في الجنة.
-جـ ـ كذلك يتعارض مع حديث ابي هريرة وابي سعيد رضي الله عنهما الذي اثبتوا اليه اسناد الرؤية في الموقف
-د- ان الصحابة منهم ابن عباس وعلي بن ابي طالب فسروا الزيادة بغير الرؤية وذلك ما رواه عنهم الامام الربيع وابن جرير.
الدليل السادس:ـ قوله تعالى {كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون } قالوا : ان حجب الكفار عن الرؤية دال على ان المؤمنين يرونه اذ انهم غير معاقبين مثلهم.
وهذا الاستدلال ساقط من عدة وجوه:ـ
ـ1ـ ان الآية لم تذكر الرؤية وانما سياق الآيات يدل على انه حرمان من رحمة الله
ـ 2ـ ان الاستدلال بمفهوم المخالفة حجة ظنية اختلف العلماء في الاخذ بها في الامور العملية فكيف يؤخذ بها في الامور الاعتقادية.
ـ3 ـ لو جاز تفسير الآية بالرؤية لكانت دلالة الآية انهم محجوبون في ذلك اليوم عن الرؤية واما قبلها فلا، لأن الآية حددت ب {يومئذ } فإن الظروف لها حكم الصفات في تقييد النسبة.
الدليل السابع:ـ قوله تعالى: {على الأرائك ينظرون }قالو انهم ينظرون ربهم.
وهذا استدلال بغير دليل لأن الآية وصفتهم بالنظر ولم تذكر المنظور اليه ومما لاشك فيه انهم ينظرون الى نعيم الجنة.
الدليل الثامن:ـ الآيات المصرحة بلقاء الله، فسروا اللقاء بالرؤية.
وهذا خطأ لآن اللقاء اعم من الرؤية كما في قوله تعالى : { ولقد كنتم تمنون الموت من قبل ان تلقوه }ـ
الدليل التاسع:ـ حديث (( سترون ربكم عيانا كما ترون القمر ليلة البدر )) وقد رووه عن طريق أبي هريرة وابي سعيد ، قالوا ان الحديث اخبرنا بأننا سنرى ربنا.
هذا الذي استدلوا به جزء من حديث ، وقبل الرد عليهم نورد الحديث بكامله. عن ابي هريرة ان الناس قالوا يارسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقالرسول الله صلى الله عليه وسلم هل تضارون في القمر ليلة البدر ؟ قالوا لا يارسول الله . قال هل تضارون في الشمس ليس دونها حجاب ؟ قالوا لا يارسول الله . قال فإنكم ترونه كذلك ، يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول : من كان يعبد شيئا فليتبعه، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الامة فيها شافعوها أو منافقوها - شك ابراهيم- فيأتيهم الله فيقول انا ربكم ، فيقولون هذا مكاننا حتى يأتي ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه ، فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون فيقول انا ربكم فيقولون:انت ربنا فيتبعونه....الخ)) ـ هذه رواية البخاري ورواية مسلم فيها منافقوها من غير شك، وجاء بالفاظ مختلفة عند الشيخين .
وكل واحد يعرف ان الاخذ بظواهر هذه النصوص يكذبه العقل والبرهان ، كما هو واضح فيما يلي:ـ
ـ 1 ـ أنه يترتب عليه تغيير ذات الله تعالى من صورة الى اخرى والتغيير من صفات الحدوث فيلزم منه حدوثه تعالى، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
ـ 2 ـ في رواية البخاري بلفظ(( فيأتيهم الجبار في صورة غير الصورة التي رأوه فيها اول مرة))ـ فمتى رأوه اول مرة وهذا اول موقف من مواقف الآخرة، فيلزم ان يكونوا رأوه في الدنيا.
ـ3ـ كون رؤيته شاملة للبر والفاجر والمنافق وهو مخالف لما قال اكثرهم حيث خصصوها للمؤمنين.
ـ 4 ـ اذا كان الله منح المنافقين الرؤية وهو نعيم اكبر من الجنة كما يقول مثبتوا الرؤية فلماذا يحرمهم من النعيم الاقل وهو الجنة.
ـ 5 ـ معارضته لحديث صهيب الذي زعموا انه دال على الرؤية لأن ذلك يدل على ان تكون الرؤية في الجنة وللمؤمنين فقط وهذا في الموقف ويشمل المؤمنين وغيرهم .
ـ 6 ـ انهم يقولون ان الرؤية بلا كيف والحديث يشبهها بالقمر وتغيير الصورة يدلان على الكيف.
ولكي يتخلصوا من هذا المأزق قالوا ان الله يبعث لهم في المرة الأولى ملكا يقول لهم : انا ربكم .. وهذا باطل لأنه لايجوز الكذب على الله ولأن الآخرة ليست محل اختبار.
ـ7 ـ هذا الحديث آحادي لا تقوم به حجة في الاعتقاد كما هو عليه الامة الا الحشوية.
ادلة النافين للرؤية العقلية والنقلية:ـ
ـ أ ـ الأدلة العقلية:ـ
ان رؤية الله سبحانه وتعالى من الاشياء التي لا يتصور في العقل اذ ان الله كما في الازل ولا شيء معه ولم تتبدل ذاته وصفاته بعد الخلق فلا تتصل ذاته بشيء من مخلوقاته كما انها لا تنفصل عنها لأن كل ذلك من صفات الحوادث . والرؤية تستلزم اشياء لا تكون الا للمخلوقين مثل:ـ
- ان يكون المرئي متميزا - أي متشخص - والله يستحيل عليه التشخيص .
- ان يكون متكيفا -أي ذا كيف - أي لون - وذلك محال على الله .
- ان يكون متبعضا لأن النظر اما ان يحيط به كله او بعضه وكل ذلك محال على الله
- الانحياز في جهة مقابلة للرائي والله لا تحويه الامكنة.
- لا يكون المرئي في منتهى اللطافة
- عدم الحجاب الحائل وهو الجسم الكثيف .
- ان يكون مضيئا بنفسه او واقعا عليه ضوء غيره وكل ذلك مستحيل على الله .
ـ ب ـ الأدلة النقلية:ـ
الدليل الاول:ـ قوله تعالى { لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير} فالله امتدح في هذه لآية بعدم ادراك الابصار له يعني انه لايراه احد، فتبين ان عدم رؤيته تعالى بالابصار صفة ذاتية ملازمة له تعالى.
واعترض المثبتون للرؤية هذا الاستدلال من خمسة اوجه:ـ
ـ ان الآية نفت الادراك ولم تنفي الرؤية ، وبينهما فرق فالادراك هو الاحاطة بالمدرك من جميع الجوانب وهو مستحيل على الله.
ـ ان الآية جاءت لسلب العموم لا لعموم السلب يعني ان معنى الآية ليس كل الابصار تدرك الله ، فالآية نفت الكل اذ اثبتت الرؤية للبعض.
ـ لو عمت الآية في الاشخاص فانها لا تعم في الازمان .
ـ ان الآية نفت رؤية الابصار ولم تنفي رؤية المبصرين - يعني انه ربما ينظرون بجارحة اخرى غيرالعين.
ـ ان عموم الآية مخصص بأدلة اثبات الرؤية.
ورد الاعتراض الاول:ـ
بأن الادراك لم يأتي بمعنى الاحاطة في المعاجم العربية بل جاء معناه اللحوق ، والرؤية كما جاء في الصحاح ادركته ببصري أي رأيته.
ورد الاعتراض الثاني بعدة اوجه:ـ
ـ لو كان الله امتدح بأنه لا تراه كل العيون فهذا لايصير مدحا لأن الشمس لا تراها كل العيون لبعدها عن العوالم الاخرى.
ـ لو جاز هذا التأويل لجاز ايضا في غيرها مثل قوله تعالى: { ان الله لايحب المعتدين } فهل معنى هذا ان الله يحب بعض المعتدين !! لأن كلا الآيتين سيقت للمدح وتضمنت النفي .
ـ التعريف في الابصار(ال) سواء كانت للاستغراق او الجنس فإنها تدل على عدم الرؤية
ورد الاعتراض الثالث :ـ
ـ انه لا اساس له لأن كل واحد يدرك انه لو سلمنا بذلك لكان من حلف ان لا يزني وزنى في المستقبل لا يكون حانثا.
ورد الاعتراض الرابع:ـ
بأن الآية نفت ان تمتد الى الله طاقة البصر حتى ولو قالوا انهم يرونه برؤسهم او جسامهم كلها.
ورد الاعتراض الخامس:ـ
ان الادلة التي احتجوا بها على الرؤية لا تعني الرؤية كما مر سابقا. فان قيل ان عدم رؤيته تعالى لا يعد مدحا لمشاركته غيره فيها في ذلك كالرياح والارواح .
الجواب :ـ ان الله لا يرى لجلاله وكبريائه واما المخلوقات فقد اخفاها الله . ولو جاز هذا الاعترض لجاز قوله تعالى : { لا تأخذه سنة ولا نوم } لأن الاجرام السماوية لا تنام.
قال ابن تيمية الحشوي :ـ ان الآية تدل على جواز الرؤية لا على نفيها ، لأن الله ساقها ممتدحا ولا يمتدح الله بمعدوم الا اذا تضمن امرا وجوديا ، مثل تمدحه بعدم السنة والنوم لأنه يريد ان يثبت كمال القيومية ، وتمدح بنفي الموت لإثبات كمال الحياة.
الجواب :ـ نجده هنا يريد ان يخضع النصوص لقاعدة مصطنعة من الوهم فلو سلمنا بما يقول :ـ فان نفي الرؤية متضمن كمال الكبرياء لله كما في حديث ابي موسى الاشعري ( جنتان من فضة...)ـ
قال الفخر الرازي :ـ لو لم يكن جائز الرؤية لما حصل التمدح بقوله :{ لا تدركه الابصار } لأنه لا امتداح بما لاتصح رؤيته مثل الروائح.
فيقال للمحتج بذلك :ـ ان كان نفي الشيء دليل على جوازه فماذا تقول في قوله تعالى :{ لم يتخذ صاحبة ولا ولدا }ـ هل دليل على اتخاذه سبحانه الصاحبة والولد !! تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
والخلاصة:ـ ان الاية دالة دلالة صريحة قاطعة ان الله تعالى لا تراه الابصار في الدنيا ولا في الآخرة وكل الاعتراضات هي ضباب من الوهم يتلاشى بظهور شمس الحق.
الدليل الثاني:ـ قوله تعالى لموسى عليه السلام { لن تراني } فان الله نفى الرؤية نفيا قاطعا غير مقيد بزمان ، فلم يقل له لن تراني في الدنيا ، لا تبديل لكلمات الله :
- فلو حصلت الرؤية في أي وقت لكان تكذيبا لهذا الخبر.
نزول الصاعقة واندكاك الجبل يقطع طمع من يطلب ما يتنافى مع كبرياء الله .
نزول الصاعقة دليل على ان سؤال الرؤية اقتحام لحمى محجور لرب العالمين، بدليل انها لم تنزل عليهم الصاعقة حتى على عبادتهم للعجل .
لو كانت الرؤية نعيم للمؤمنين في الآخرة مثل الجنة لما نزلت بسؤالها الصاعقة، الا ترى لو سأل احد ربه ان يدخله الجنة في الدنيا هل ستنزل عليه الصاعقة ؟!!
مسارعة موسى بالتوبة وتنزيه الله وقوله : { أنا أول المؤمنين } بأنك لا ترى كما روى ذلك ابن جرير عن ابن عباس دليل على عدم جواز الرؤية .
واعترض المثبتون للرؤية بأن الله قال { لن تراني } ولم يقل لست بمرئي وهذا دليل على ضعف الرائي لأنه في دار الفناء وليس على استحالة الرؤية.
ورد عليهم ان الجواب على قدر السؤال فإذا انتفت الرؤية عن موسى وهو كليم الله فعن غيره اولى.
وقال المثبتون ايضا ان: {لن} تفيد قلب النفي من الحال للاستقبال بدليل قوله تعالى عن اليهود :ـ {ولن يتمنوه ابدا}ـ مع قوله تعالى: { ونادوا يامالك ليقضي علينا ربك }ـ قالوا نفى عنهم الموت في الدنيا واثبته في الآخرة وكذلك نفى الرؤية.
ورد هذا بأنه يختلف باختلاف الاحوال فاليهود مشغوفون بالدنيا مشفقين من الموت اخلدوا الى الراحة وفي الاخرة يتبدل حالهم . واما الله تعالى فلا تجري على ذاته الاحوال ، والرؤية منافية لكبرياءالله كما في الحديث (... وما بينهم وبين ان يروا ربهم الا رداء الكبرياء )ـ وكبرياء الله ازلية ابدية لا تتبدل.
الدليل الثالث:ـ ما جاء في كتاب الله من الانكار الشديد البالغ للذين سألوا الرؤية من اليهود والمشركين دليل قاطع لعدم جواز الرؤية حيث قال الله سبحانه: { يسألك اهل الكتاب ان تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى اكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة }ـ
تحذير الله للمسلمين ان يقعوا فيما وقع فيه بنوا اسرائيل من سؤال الرؤية حيث قال الله تعالى:{ام تريدون ان تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل، ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل }ـ
فلو كانت الرؤية جائزة لماذا يحذرهم الله من سؤالها .
الدليل السادس:ـ مارواه الإمامان البخاري ومسلم وغيرهما عن ابي موسى الاشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (( جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين ان ينظروا الى ربهم الا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن))ـ
فالحديث صريح في عدم رؤيتهم لله لأن رداء الكبرياء يحول دون ذلك والكبرياء صفة ذاتية لله تعالى لا تتبدل مثل العلم والقدرة .
فإن قيل لماذا حملتم النظر في مقام النفي على الرؤية مع حملكم اياه في مقام الاثبات على الانتظار ؟ كما في آية القيامة.
الجواب :ـ ان النظر يأتي بمعنى الانتظار وبمعنى الرؤية والقرائن تصرفه لأيهما يفسر .
وقد تكلف ابن حجر في تفسير هذا الحديث فقال: ان في الحديث حذف تقديره إلا رداء الكبرياء فانه يمن عليهم برفعه فيحصل لهم الفوز بالنظر اليه.
الجواب:ـ فلوا تبعنا هذه التأويلات البعيدة لما بقي نص مستقر لأنه يحتمل الزيادة لإثبات المنفي ونفي المثبت. وقد قال صاحب المنار : ان في هذا التأويل تكلفا.
الدليل السادس:ـ ما اخرجه مسلم عن ابي ذر رضي الله عنه انه عليه افضل الصلاة والسلام قال عندما سئل هل رأى ربه قال: ((نور انى أراه)) ـ
فالرسول صلى الله عليه وسلم استبعد حصول الرؤية بقوله ((أنىأراه)) فان (أنى) بمعنى كيف، وهو شاهد على استحالة رؤيته تعالى.
وقفــــــــة تأمـــــــل
اخي القارىء لا شك بعد هذا التجوال في أدلة كل من المثبتين للرؤية والنافين لها ادركت ضعف ادلة المثبتين للرؤية ولكمال الفائدة اذكرك ببعض النقاط:ـ
ـ المثبتون اعتمدوا في قولهم على ان موسى سأل الرؤية لنفسه شوقا الى الله، ولو تفكرت في الآية لوجدت ان الله نسب سؤال الرؤية لقوم موسى ، وموسى نفسه نسب سؤال الرؤية لقومه عندما قال : { أتهلكنا بما فعل السفهاء منا}
ـ هل من المستغرب ان يسأل موسى عليه السلام الرؤية لإقناع قومه مع علمه باستحالتها ، ونحن نرى ان النبي ابراهيم عليه السلام قال عن الاجرام السناوية {هذا ربي} مع علمه سلفا انها ليست رب وانما اتخذ ذلك وسيلة لإقناع قومه .
لو تأملنا حديث ( سترون ربكم) لوجدنا انه:ـ
ـ يثبت الكيفية لله، والله منزه عن الكيف .
ـ ويثبت تبدل صورة الله تعالى وهذا من صفة الحدوث.
ـ ويثبت الرؤية للمنافقين.
ـ ويثبت انهم رأوه قبل ذلك الموقف مع انه اول موقف من مواقف الآخرة ، اذا رأوه في الدنيا!!
ـ لو تأملنا ردهم على الاحتجاج بقوله تعالى:{ لا تدركه الابصار } لوجدناه واهيا اذ انهم فسروا الإدراك بالإحاطة وهذا التفسير غير موجود في قواميس اللغة العربية ، مثل اللسان والصحاح- بل موجود حسب ما فسره النافون للرؤية كما ذكرنا سابقا.
ـ 1ـ اذا تأملنا ردهم على الاحتجاج بحديث (( ما بين القوم وبين ان ينظروا الى ربهم الا رداء الكبرياء)ـ لوجدناه ضعيفا لأنهم صدموا بان الكبرياء صفة ذاتية لله لا تزول عنه حتى تحصل الرؤية.
ـ 2 ـ لو كانت الرؤية جائزة وانها اعظم نعيم كما يدعون لماذا لم يذكرها الله سبحانه وتعالى بالتفصيل كما ذكر الجنة.
ـ 3 ـ تضارب الادلة التي احتج بها المثبتون للرؤية:ـ
ـ 4 ـ فحديث ابي هريرة يثبت حسب زعمهم الرؤية في الموقف.
ـ 5 ـ وحديث صهيب يثبتها في الجنة وسياقه يدل على انها أول مرة لو أخذ بظاهره
ـ 6 ـ وحديث ابي هريرة يثبتها للمؤمنين والمنافقين ،وحديث صهيب يثبتها للمؤمنين فقط…
- فبعضهم يقول انها يمكن ان تقع في الدنيا والآخرة .
- وبعضهم يقول لا تقع الا في الآخرة ولا يراه الا المؤمنون .
- وقال آخرون انه يرى الله جميع اهل الموقف مؤمنهم وكافرهم .
- وقال آخرون يراه المنافقون دون الكافرين .
والأقوال الثلاثة الأخيرة في مذهب الامام احمد وهي لأصحابه .
فنسبة ثلاثة اقوال متعارضة الى امام واحد يدل على ضعف القاعدة التي بني عليها هذا المعتقد والا فان الحق لا يحتمل هذا الاختلاف المتناقض لوضوح حجته. واذا كانت الرؤية كما يدعون اعظم نعيم ويشاركهم فيها الكافرون والمنافقون فكيف لا يشاركونهم في نعيم الجنة.
وذهب الاباضية والمعتزلة والزيدية والامامية من الشيعة الى عدم امكانية رؤيته تعالى وانها مستحيلة الوقوع في الدنيا والآخرة. وسيأتي ذكر ادلة الطرفين في ذلك بالتفصيل .
ـأدلة مثبتي الرؤية العقلية والنقلية
ـ أ ـ الادلة العقليــــة:ـ
الدليل لأول:ـ ان الله موجود وكل موجود يصح ان يرى .
وأجيب:ـ
ـ انه ليس كل موجود يصح ان يرى ، فالعقل والروح والاصوات لا ترى
ـ لا يصلح قياس الخالق بالمخلوقين لأنه تعالى { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }ـ
ـ ب ـ الادلة النقليـــــة:ـ
الدليل الأول:ـ سؤال موسى عليه السلام الرؤية بقوله { رب أرني انظر اليك }ـ
قالوا لو كانت الرؤية غير جائزة لما سألها موسى عليه السلام لأنه لا يمكن ان يكون جاهلا باستحالتها ، واذا كان عالما باستحالتها فلماذا يطلب المستحيل ؟
وأجيب:ـ
بأن موسى عليه السلام لم يطلب الرؤية لنفسه وانما طلبها لاقناع قومه بدليل: ان الله نسب طلب الرؤية لقوم موسى ووبخهم على ذلك: فقال تعالى { فقد سألوا موسى اكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة}ـ
وقوله تعالى { واذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وانتم تنظرون }ـ
فلماذا نسب الله طلب الرؤية الى قوم موسى اذا كان موسى سألها لنفسه، ولماذا وبخهم الله على هذا الطلب اذا كانوا لا علاقة لهم بالموضوع؟ !ـ
- ولا شك ان موسى عالم باستحالتها ولم يقصد طلب المستحيل وانما اراد اقناع قومه بامتناعها .واعترضوا:ـ بأن اولئك القوم ان كانوا مؤمنين كفاهم قول موسى عليه السلام لأنه رسول مؤيد بالمعجزات وان كانوا كافرين فلن يفيدهم الجواب باستحالتها في هذا الموقف شيئا.
ورد اعتراضهم:ـ بأن القوم ليسو مؤمنين بدليل قوله تعالى: { لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة }ـ فأراد النبي موسى ان يقطع شقاقهم بجواب حاسم من قبل الله عزوجل بتجلي شيء من الآيات يقضي على كل طمع في مطلبهم المستحيل.
واعترضوا على ذلك بأمرين:ـ
ـ1 ـ انه عليه السلام لو لم يسألها لنفسه لما تاب من سؤاله.
ـ 2 ـ انه لو سألها لغيره لم يضفها لنفسه ولقال رب ارهم ينظروا اليك ولم يقل { رب ارني انظر اليك}ـ
واجيبوا عن الاول :ـ ان موسى عليه السلام سارع الى التوبة لشعوره بالتورط بما سأل وان كانت له نية حسنة يعلمها الله تعالى وانما المقام يقتضي الاستئذان من الله تعالى قبل الاقدام على السؤال .
واجيبوا عن الثاني :ـ ان اضافتها لنفسه دونهم ابلغ في اقناعهم باستحالتها فإذا تعذرت عليه فهي عليهم اشد.
الدليل الثاني:ـ قوله سبحانه وتعالى { ولكن انظر الى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني }ـ قالوا ان الله علق الرؤية على استقرار الجبل واستقراره ممكن والمعلق على الممكن ممكن مثله.
واجيب: ـ
بأنه بعدما حصل الاندكاك للجبل علمنا انه كان في علم الله منذ القدم ان الجبل مقضي عليه بالاندكاك ولا تبديل عما في علم الله. اما عدم الاندكاك كان ممكنا في نظر الناس الذين لا يعلمون الغيب . وقوله تعالى {فسوف تراني } ليس وعدا بالرؤية لأنه سبق قوله تعالى { لن تراني }ازال طمع سائلي الرؤية ولكن تعليق الرؤية بالجبل ليرى عجز القوة البشرية عن رؤية الله تعالى مع عدم ثبات قوة الجبل.
الدليل الثالث:ـ احتجوا بما روي عن بعض الصحابة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ربه ليلة الاسراء والمعراج.
اجيبوا:ـ بأن هذا غير صحيح لأن السيدة عائشة رضوان الله عليها قالت ( من زعم ان محمدا رأى ربه فقد اعظم على الله الفرية ) كما جاء ذلك في المسند الرفيع للامام الربيع ومسلم والبخاري.
الدليل الرابع:ـ قوله تعالى { وجوه يو مئذ ناضرة الى ربها ناظرة } قالوا ان الآية دالة على اننا سنرى ربنا يوم القيامة.
اجيبوا : بأن الآية لا تعني الرؤية لعدة وجوه :ـ
ـ 1 ـ ان النظر اعم من الرؤية فهو يأتي بمعنى محاولتها مثل نظرت الى كذا فلم اره مع عدم جواز ان نقول: رأيته فلم اره.
ـ2 ـ ان النظر يأتي بمعنى الانتظار كما في قوله تعالى{ هل ينظرون الا ان يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة }ـ
وفي آية القيامة { وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة } يحمل النظر فيها على انتظار المؤمنين لرحمة ربهم لعدة اسباب:ـ
ـ 3 ـ ابعاد القرآن عن تعارض بعضه لأن تفسيرها بالرؤية يتعارض مع الادلة التي تدل على نفي الرؤية.
ـ 4 ـ لكي يتفق التفسير مع الانسجام في آيات القرآن كما هو المعهود، فالآيات قسمت الناس قسمين :ـ أناس وجوههم مشرقة ينتظرون رحمة الله واناس وجوههم باسرة كالحة ينتظرون العذاب . فنضارة هذه تقابل بسور تلك، وانتظار هذه لرحمة الله يقابله توقع تلك للعذاب .
ـ 5 ـ هذا التأويل يتفق مع آيات سورة عبس في قوله تعالى {وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة، ووجوه يومئذ عليها غبرة، ترهقها قترة }ـ
ـ 6 ـ تقديم المعمول على عامله يؤذن بقصره عليه، فتقديم { الى ربها } على { ناظرة } لو فسرنا الاية بالرؤية لاقتضى انهم لا يرون شيئا الا الله ومن المعروف عقلا ونقلا انهم يرى بعضهم بعضا ورؤيتهم النعيم .
وانكر المثبتون للرؤية تفسير النظر بالانتظار من ثلاثة اوجه:ـ
ـ ان في الانتظار تنغيصا يتنافى مع اكرام الله لعباده المخلصين.
ـ ان تعدية النظر بإلى تمنع من تفسيرها بالانتظار خصوصا اذا اسند الى الوجوه .
ـ ان انتظار رؤية الله حاصل في الدنيا فكيف يوعدون به يوم القيامة .
وكل ذلك مردود: ـ
اما رد الأول :ـ فإن الآيات تتحدث عن الوضع في الموقف قبل دخول الجنة، ومعلوم ان النعيم الذي وعد به المؤمنون في الجنة، فلا بد من انتظاره.
اما رد الثاني :ـ فقد جاء تعدية النظر بإلى وهو يعني الانتظار مثل قول حسان:ـ
وجوه يوم بدر ناظرات ـ الى الرحمن ياتي بالفلاح
فان قيل ان الانتظار محله القلوب لا الوجوه، والوجوه محل الابصار ، وقد يعبر بالوجوه ويقصد بها الانسان يرد بأن الرؤية لا تكون بالوجوه ايضا.
واما رد الثالث :ـ فالناس في الدنيا لا يعرفون مصيرهم ولكن يوم القيامة عرفوا مصيرهم بالبشائر من الملائكة .
الدليل الخامس :ـ قوله تعالى { للذين احسنوا الحسنى وزيادة }ـ
فقد فسروا الحسنى بالجنة والزيادة بالرؤية مستدلين بحديث صهيب عند الشيخين: (( فإذا دخل اهل الجنة الجنة نادى مناد ان لكم عند الله موعد يريد ان ينجزكموه فقالوا الم تبيض وجوهنا وتنجنا من النار، وتدخلنا الجنة، قال فيكشف الحجاب قال: فوالله ما اعطاهم الله شيئا احب اليه من النظر اليه))ـ
وهذا الاحتجاج مردود من عدة وجوه:ـ
اولا:ـ ان لفظة (الزيادة ) غير دالة على الرؤية وضعا ولا استعمالا.
ثانيا:ـ ان الحديث الذي عولوا عليه في تفسيرها دلالته ضعيفة من عدة وجوه:ـ
-أـ ان الحديث آحادي لا يحتج به في الاعتقاد ومعارض لما هو اقوى منه من ادلة نفي الرؤية.
-ب ـ انه يتعارض مع ما فسروا به آية القيامة من حصول الرؤية في الموقف والحديث يدل حسب تفسيرهم انها تكون في الجنة.
-جـ ـ كذلك يتعارض مع حديث ابي هريرة وابي سعيد رضي الله عنهما الذي اثبتوا اليه اسناد الرؤية في الموقف
-د- ان الصحابة منهم ابن عباس وعلي بن ابي طالب فسروا الزيادة بغير الرؤية وذلك ما رواه عنهم الامام الربيع وابن جرير.
الدليل السادس:ـ قوله تعالى {كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون } قالوا : ان حجب الكفار عن الرؤية دال على ان المؤمنين يرونه اذ انهم غير معاقبين مثلهم.
وهذا الاستدلال ساقط من عدة وجوه:ـ
ـ1ـ ان الآية لم تذكر الرؤية وانما سياق الآيات يدل على انه حرمان من رحمة الله
ـ 2ـ ان الاستدلال بمفهوم المخالفة حجة ظنية اختلف العلماء في الاخذ بها في الامور العملية فكيف يؤخذ بها في الامور الاعتقادية.
ـ3 ـ لو جاز تفسير الآية بالرؤية لكانت دلالة الآية انهم محجوبون في ذلك اليوم عن الرؤية واما قبلها فلا، لأن الآية حددت ب {يومئذ } فإن الظروف لها حكم الصفات في تقييد النسبة.
الدليل السابع:ـ قوله تعالى: {على الأرائك ينظرون }قالو انهم ينظرون ربهم.
وهذا استدلال بغير دليل لأن الآية وصفتهم بالنظر ولم تذكر المنظور اليه ومما لاشك فيه انهم ينظرون الى نعيم الجنة.
الدليل الثامن:ـ الآيات المصرحة بلقاء الله، فسروا اللقاء بالرؤية.
وهذا خطأ لآن اللقاء اعم من الرؤية كما في قوله تعالى : { ولقد كنتم تمنون الموت من قبل ان تلقوه }ـ
الدليل التاسع:ـ حديث (( سترون ربكم عيانا كما ترون القمر ليلة البدر )) وقد رووه عن طريق أبي هريرة وابي سعيد ، قالوا ان الحديث اخبرنا بأننا سنرى ربنا.
هذا الذي استدلوا به جزء من حديث ، وقبل الرد عليهم نورد الحديث بكامله. عن ابي هريرة ان الناس قالوا يارسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقالرسول الله صلى الله عليه وسلم هل تضارون في القمر ليلة البدر ؟ قالوا لا يارسول الله . قال هل تضارون في الشمس ليس دونها حجاب ؟ قالوا لا يارسول الله . قال فإنكم ترونه كذلك ، يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول : من كان يعبد شيئا فليتبعه، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الامة فيها شافعوها أو منافقوها - شك ابراهيم- فيأتيهم الله فيقول انا ربكم ، فيقولون هذا مكاننا حتى يأتي ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه ، فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون فيقول انا ربكم فيقولون:انت ربنا فيتبعونه....الخ)) ـ هذه رواية البخاري ورواية مسلم فيها منافقوها من غير شك، وجاء بالفاظ مختلفة عند الشيخين .
وكل واحد يعرف ان الاخذ بظواهر هذه النصوص يكذبه العقل والبرهان ، كما هو واضح فيما يلي:ـ
ـ 1 ـ أنه يترتب عليه تغيير ذات الله تعالى من صورة الى اخرى والتغيير من صفات الحدوث فيلزم منه حدوثه تعالى، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
ـ 2 ـ في رواية البخاري بلفظ(( فيأتيهم الجبار في صورة غير الصورة التي رأوه فيها اول مرة))ـ فمتى رأوه اول مرة وهذا اول موقف من مواقف الآخرة، فيلزم ان يكونوا رأوه في الدنيا.
ـ3ـ كون رؤيته شاملة للبر والفاجر والمنافق وهو مخالف لما قال اكثرهم حيث خصصوها للمؤمنين.
ـ 4 ـ اذا كان الله منح المنافقين الرؤية وهو نعيم اكبر من الجنة كما يقول مثبتوا الرؤية فلماذا يحرمهم من النعيم الاقل وهو الجنة.
ـ 5 ـ معارضته لحديث صهيب الذي زعموا انه دال على الرؤية لأن ذلك يدل على ان تكون الرؤية في الجنة وللمؤمنين فقط وهذا في الموقف ويشمل المؤمنين وغيرهم .
ـ 6 ـ انهم يقولون ان الرؤية بلا كيف والحديث يشبهها بالقمر وتغيير الصورة يدلان على الكيف.
ولكي يتخلصوا من هذا المأزق قالوا ان الله يبعث لهم في المرة الأولى ملكا يقول لهم : انا ربكم .. وهذا باطل لأنه لايجوز الكذب على الله ولأن الآخرة ليست محل اختبار.
ـ7 ـ هذا الحديث آحادي لا تقوم به حجة في الاعتقاد كما هو عليه الامة الا الحشوية.
ادلة النافين للرؤية العقلية والنقلية:ـ
ـ أ ـ الأدلة العقلية:ـ
ان رؤية الله سبحانه وتعالى من الاشياء التي لا يتصور في العقل اذ ان الله كما في الازل ولا شيء معه ولم تتبدل ذاته وصفاته بعد الخلق فلا تتصل ذاته بشيء من مخلوقاته كما انها لا تنفصل عنها لأن كل ذلك من صفات الحوادث . والرؤية تستلزم اشياء لا تكون الا للمخلوقين مثل:ـ
- ان يكون المرئي متميزا - أي متشخص - والله يستحيل عليه التشخيص .
- ان يكون متكيفا -أي ذا كيف - أي لون - وذلك محال على الله .
- ان يكون متبعضا لأن النظر اما ان يحيط به كله او بعضه وكل ذلك محال على الله
- الانحياز في جهة مقابلة للرائي والله لا تحويه الامكنة.
- لا يكون المرئي في منتهى اللطافة
- عدم الحجاب الحائل وهو الجسم الكثيف .
- ان يكون مضيئا بنفسه او واقعا عليه ضوء غيره وكل ذلك مستحيل على الله .
ـ ب ـ الأدلة النقلية:ـ
الدليل الاول:ـ قوله تعالى { لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير} فالله امتدح في هذه لآية بعدم ادراك الابصار له يعني انه لايراه احد، فتبين ان عدم رؤيته تعالى بالابصار صفة ذاتية ملازمة له تعالى.
واعترض المثبتون للرؤية هذا الاستدلال من خمسة اوجه:ـ
ـ ان الآية نفت الادراك ولم تنفي الرؤية ، وبينهما فرق فالادراك هو الاحاطة بالمدرك من جميع الجوانب وهو مستحيل على الله.
ـ ان الآية جاءت لسلب العموم لا لعموم السلب يعني ان معنى الآية ليس كل الابصار تدرك الله ، فالآية نفت الكل اذ اثبتت الرؤية للبعض.
ـ لو عمت الآية في الاشخاص فانها لا تعم في الازمان .
ـ ان الآية نفت رؤية الابصار ولم تنفي رؤية المبصرين - يعني انه ربما ينظرون بجارحة اخرى غيرالعين.
ـ ان عموم الآية مخصص بأدلة اثبات الرؤية.
ورد الاعتراض الاول:ـ
بأن الادراك لم يأتي بمعنى الاحاطة في المعاجم العربية بل جاء معناه اللحوق ، والرؤية كما جاء في الصحاح ادركته ببصري أي رأيته.
ورد الاعتراض الثاني بعدة اوجه:ـ
ـ لو كان الله امتدح بأنه لا تراه كل العيون فهذا لايصير مدحا لأن الشمس لا تراها كل العيون لبعدها عن العوالم الاخرى.
ـ لو جاز هذا التأويل لجاز ايضا في غيرها مثل قوله تعالى: { ان الله لايحب المعتدين } فهل معنى هذا ان الله يحب بعض المعتدين !! لأن كلا الآيتين سيقت للمدح وتضمنت النفي .
ـ التعريف في الابصار(ال) سواء كانت للاستغراق او الجنس فإنها تدل على عدم الرؤية
ورد الاعتراض الثالث :ـ
ـ انه لا اساس له لأن كل واحد يدرك انه لو سلمنا بذلك لكان من حلف ان لا يزني وزنى في المستقبل لا يكون حانثا.
ورد الاعتراض الرابع:ـ
بأن الآية نفت ان تمتد الى الله طاقة البصر حتى ولو قالوا انهم يرونه برؤسهم او جسامهم كلها.
ورد الاعتراض الخامس:ـ
ان الادلة التي احتجوا بها على الرؤية لا تعني الرؤية كما مر سابقا. فان قيل ان عدم رؤيته تعالى لا يعد مدحا لمشاركته غيره فيها في ذلك كالرياح والارواح .
الجواب :ـ ان الله لا يرى لجلاله وكبريائه واما المخلوقات فقد اخفاها الله . ولو جاز هذا الاعترض لجاز قوله تعالى : { لا تأخذه سنة ولا نوم } لأن الاجرام السماوية لا تنام.
قال ابن تيمية الحشوي :ـ ان الآية تدل على جواز الرؤية لا على نفيها ، لأن الله ساقها ممتدحا ولا يمتدح الله بمعدوم الا اذا تضمن امرا وجوديا ، مثل تمدحه بعدم السنة والنوم لأنه يريد ان يثبت كمال القيومية ، وتمدح بنفي الموت لإثبات كمال الحياة.
الجواب :ـ نجده هنا يريد ان يخضع النصوص لقاعدة مصطنعة من الوهم فلو سلمنا بما يقول :ـ فان نفي الرؤية متضمن كمال الكبرياء لله كما في حديث ابي موسى الاشعري ( جنتان من فضة...)ـ
قال الفخر الرازي :ـ لو لم يكن جائز الرؤية لما حصل التمدح بقوله :{ لا تدركه الابصار } لأنه لا امتداح بما لاتصح رؤيته مثل الروائح.
فيقال للمحتج بذلك :ـ ان كان نفي الشيء دليل على جوازه فماذا تقول في قوله تعالى :{ لم يتخذ صاحبة ولا ولدا }ـ هل دليل على اتخاذه سبحانه الصاحبة والولد !! تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
والخلاصة:ـ ان الاية دالة دلالة صريحة قاطعة ان الله تعالى لا تراه الابصار في الدنيا ولا في الآخرة وكل الاعتراضات هي ضباب من الوهم يتلاشى بظهور شمس الحق.
الدليل الثاني:ـ قوله تعالى لموسى عليه السلام { لن تراني } فان الله نفى الرؤية نفيا قاطعا غير مقيد بزمان ، فلم يقل له لن تراني في الدنيا ، لا تبديل لكلمات الله :
- فلو حصلت الرؤية في أي وقت لكان تكذيبا لهذا الخبر.
نزول الصاعقة واندكاك الجبل يقطع طمع من يطلب ما يتنافى مع كبرياء الله .
نزول الصاعقة دليل على ان سؤال الرؤية اقتحام لحمى محجور لرب العالمين، بدليل انها لم تنزل عليهم الصاعقة حتى على عبادتهم للعجل .
لو كانت الرؤية نعيم للمؤمنين في الآخرة مثل الجنة لما نزلت بسؤالها الصاعقة، الا ترى لو سأل احد ربه ان يدخله الجنة في الدنيا هل ستنزل عليه الصاعقة ؟!!
مسارعة موسى بالتوبة وتنزيه الله وقوله : { أنا أول المؤمنين } بأنك لا ترى كما روى ذلك ابن جرير عن ابن عباس دليل على عدم جواز الرؤية .
واعترض المثبتون للرؤية بأن الله قال { لن تراني } ولم يقل لست بمرئي وهذا دليل على ضعف الرائي لأنه في دار الفناء وليس على استحالة الرؤية.
ورد عليهم ان الجواب على قدر السؤال فإذا انتفت الرؤية عن موسى وهو كليم الله فعن غيره اولى.
وقال المثبتون ايضا ان: {لن} تفيد قلب النفي من الحال للاستقبال بدليل قوله تعالى عن اليهود :ـ {ولن يتمنوه ابدا}ـ مع قوله تعالى: { ونادوا يامالك ليقضي علينا ربك }ـ قالوا نفى عنهم الموت في الدنيا واثبته في الآخرة وكذلك نفى الرؤية.
ورد هذا بأنه يختلف باختلاف الاحوال فاليهود مشغوفون بالدنيا مشفقين من الموت اخلدوا الى الراحة وفي الاخرة يتبدل حالهم . واما الله تعالى فلا تجري على ذاته الاحوال ، والرؤية منافية لكبرياءالله كما في الحديث (... وما بينهم وبين ان يروا ربهم الا رداء الكبرياء )ـ وكبرياء الله ازلية ابدية لا تتبدل.
الدليل الثالث:ـ ما جاء في كتاب الله من الانكار الشديد البالغ للذين سألوا الرؤية من اليهود والمشركين دليل قاطع لعدم جواز الرؤية حيث قال الله سبحانه: { يسألك اهل الكتاب ان تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى اكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة }ـ
تحذير الله للمسلمين ان يقعوا فيما وقع فيه بنوا اسرائيل من سؤال الرؤية حيث قال الله تعالى:{ام تريدون ان تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل، ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل }ـ
فلو كانت الرؤية جائزة لماذا يحذرهم الله من سؤالها .
الدليل السادس:ـ مارواه الإمامان البخاري ومسلم وغيرهما عن ابي موسى الاشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (( جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين ان ينظروا الى ربهم الا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن))ـ
فالحديث صريح في عدم رؤيتهم لله لأن رداء الكبرياء يحول دون ذلك والكبرياء صفة ذاتية لله تعالى لا تتبدل مثل العلم والقدرة .
فإن قيل لماذا حملتم النظر في مقام النفي على الرؤية مع حملكم اياه في مقام الاثبات على الانتظار ؟ كما في آية القيامة.
الجواب :ـ ان النظر يأتي بمعنى الانتظار وبمعنى الرؤية والقرائن تصرفه لأيهما يفسر .
وقد تكلف ابن حجر في تفسير هذا الحديث فقال: ان في الحديث حذف تقديره إلا رداء الكبرياء فانه يمن عليهم برفعه فيحصل لهم الفوز بالنظر اليه.
الجواب:ـ فلوا تبعنا هذه التأويلات البعيدة لما بقي نص مستقر لأنه يحتمل الزيادة لإثبات المنفي ونفي المثبت. وقد قال صاحب المنار : ان في هذا التأويل تكلفا.
الدليل السادس:ـ ما اخرجه مسلم عن ابي ذر رضي الله عنه انه عليه افضل الصلاة والسلام قال عندما سئل هل رأى ربه قال: ((نور انى أراه)) ـ
فالرسول صلى الله عليه وسلم استبعد حصول الرؤية بقوله ((أنىأراه)) فان (أنى) بمعنى كيف، وهو شاهد على استحالة رؤيته تعالى.
وقفــــــــة تأمـــــــل
اخي القارىء لا شك بعد هذا التجوال في أدلة كل من المثبتين للرؤية والنافين لها ادركت ضعف ادلة المثبتين للرؤية ولكمال الفائدة اذكرك ببعض النقاط:ـ
ـ المثبتون اعتمدوا في قولهم على ان موسى سأل الرؤية لنفسه شوقا الى الله، ولو تفكرت في الآية لوجدت ان الله نسب سؤال الرؤية لقوم موسى ، وموسى نفسه نسب سؤال الرؤية لقومه عندما قال : { أتهلكنا بما فعل السفهاء منا}
ـ هل من المستغرب ان يسأل موسى عليه السلام الرؤية لإقناع قومه مع علمه باستحالتها ، ونحن نرى ان النبي ابراهيم عليه السلام قال عن الاجرام السناوية {هذا ربي} مع علمه سلفا انها ليست رب وانما اتخذ ذلك وسيلة لإقناع قومه .
لو تأملنا حديث ( سترون ربكم) لوجدنا انه:ـ
ـ يثبت الكيفية لله، والله منزه عن الكيف .
ـ ويثبت تبدل صورة الله تعالى وهذا من صفة الحدوث.
ـ ويثبت الرؤية للمنافقين.
ـ ويثبت انهم رأوه قبل ذلك الموقف مع انه اول موقف من مواقف الآخرة ، اذا رأوه في الدنيا!!
ـ لو تأملنا ردهم على الاحتجاج بقوله تعالى:{ لا تدركه الابصار } لوجدناه واهيا اذ انهم فسروا الإدراك بالإحاطة وهذا التفسير غير موجود في قواميس اللغة العربية ، مثل اللسان والصحاح- بل موجود حسب ما فسره النافون للرؤية كما ذكرنا سابقا.
ـ 1ـ اذا تأملنا ردهم على الاحتجاج بحديث (( ما بين القوم وبين ان ينظروا الى ربهم الا رداء الكبرياء)ـ لوجدناه ضعيفا لأنهم صدموا بان الكبرياء صفة ذاتية لله لا تزول عنه حتى تحصل الرؤية.
ـ 2 ـ لو كانت الرؤية جائزة وانها اعظم نعيم كما يدعون لماذا لم يذكرها الله سبحانه وتعالى بالتفصيل كما ذكر الجنة.
ـ 3 ـ تضارب الادلة التي احتج بها المثبتون للرؤية:ـ
ـ 4 ـ فحديث ابي هريرة يثبت حسب زعمهم الرؤية في الموقف.
ـ 5 ـ وحديث صهيب يثبتها في الجنة وسياقه يدل على انها أول مرة لو أخذ بظاهره
ـ 6 ـ وحديث ابي هريرة يثبتها للمؤمنين والمنافقين ،وحديث صهيب يثبتها للمؤمنين فقط…