أولا: تعريف الأرش لغة:
يطلق الأرش في اللغة على عدة معان:
المعنى الأول: التحريش والإفساد والإغراء، قال ابن فارس في مقاييس اللغة: الهمزة والراء والشين يمكن أن يكون أصلا، وقد جعلها بعض أهل العلم فرعا، وزعم أن الأصل الهرش، وأن الهمزة عوض من الهاء. وهذا عندي متقارب، لأن هذين الحرفين - أعني الهمزة والهاء - متقاربان، يقولون إياك وهياك، وأرقت وهرقت. وأيا كان فالكلام من باب التحريش، يقال: أرشت الحرب والنار: إذا أوقدتهما. قال:
المعنى الثاني: يطلق الأرش على ما ليس له قدر من الدية في الجراحات فما يأخذه المجني عليه جناية ليس لها قدر معلوم من الدية يسمى أرشا وهذا الأرش جابر للمجني عليه بسبب الجناية.
قال ابن فارس: " وأرش الجناية: ديتها، وهو أيضا مما يدعو إلى خلافٍ وتحريشٍ، فالباب واحد"[2].
المعنى الثالث: يطلق الأرش على الخدش، والمأروش المخدوش.
قال الأزهري: "وأصل الْأَرْش الخدْش، ثمَّ قيل لما يُؤْخَذ دِيَة لَهَا: أرش، وَأهل الْحجاز يسمّونه النّذْر"[3].
المعنى الرابع: ما يأخذه المشتري من البائع إذا اطلع على عيب في المبيع، إذ هو اسم لما يدفع بين السلامة والعيب في السلعة، وذلك لأن مشتري السلعة إذا اطلع على عيب فيها وقد اشتراها بوصف السلامة فإنه يقع بينه وبين البائع أرش أي خصومة واختلاف مأخوذ من قولهم: أرشت بين الرجلين إذا أغربت أحدهما بالآخر، وأوقعت بينهما الشر، فسمي ما نقص العيب السلعة أرشا إذ كان سببا للأرش[4].
ثانيا: التعريف الاصطلاحي للأرش: المتتبع لتعاريف الفقهاء لمصطلح الأرش يجد أنها متقاربة المعنى، ولا بأس أن نذكر تعريفا واحدا للأرش في كل مذهب من المذاهب الأربعة:
1) تعريف المذهب الحنفي للأرش:
"أن يقوم المبيع وهو سالم من العيب ثم يقوم وبه هذا العيب، ثم يعرف التفاوت بين القيمتين فيرجع المشتري على البائع بحصته من الثمن"[5].
2) تعريف المالكية
" أن تُقَوم السلعة صحيحة غير معيبة، ثم تقوم على أنها معيبة ثم يرجع المشتري بما بين قيمة السلعة صحيحة ومعيبة"[6].
3) تعريف الشافعية: "جزء من ثمن المبيع نسته إليه نسبة ما ينقص العيب من قيمة المبيع لو كان سليما إلى تمام القيمة"[7].
4) تعريف الحنابلة: "قسط ما بين قيمة الصحيح والمعيب من الثمن"[8].
وعند النظر إلى هذه التعريفات نجد أوضحها وأجمعها تعريف الحنفية والحنابلة، وعليه نقول:
الأرش هو: قسط ما بين قيمة الصحيح والمعيب من الثمن.
وهو قسط مالي يستحقه المشتري إذا اطلع على عيب في السلعة التي اشتراها على أنها سليمة.
ثالثا: طريقة معرفة الأرش: أن يقوم المبيع صحيحا ثم يقوم معيبا، ثم يؤخذ قسط ما بينهما من الثمن، وهذا الأرش يأخذه المشتري من البائع عوضا عن الوصف الفائت في المبيع.
رابعا: مشروعية الأرش
دل على مشروعية الأرش أدلة من الكتاب والسنة:
فأما من الكتاب: فقوله تعال: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} [9].ففي هذه الآية النهي عن أكل الأموال بالباطل أي بغير حق، وأخذ البائع الثمن كاملا مع وجود عيب في المبيع أكل لمال المشتري بغير حق.
أما من السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"[10]، وأخذ البائع ثمن المبيع كاملا من المشتري مع وجود نقص في السلعة ضرر عليه وهو منهي عنه شرعا فلا يحل
المراجع
[1] مقاييس اللغة 1/ 79
[2] مقاييس اللغة 1/ 79
[3] تهذيب اللغة 11/ 279
[4] تهذيب اللغة 11/407، لسان العرب 6/263.
[5] البحر الرائق 6/52، بدائع الصنائع 5/291
[6] حاشية الدسوقي 3/114، مواهب الجليل 4/444.
[7] الأم 3/69، مغني المحتاج 2/54.
[8] شرح منتهى الإرادات 2/177، الإنصاف 4/412.
[9] من الآية رقم 188 من سورة البقرة.
[10] أخرجه الأئمة الثلاثة: الإمام مالك في الموطأ، في كتاب القضاء، باب القضاء في المرفق 2/745، رقم 1429، والإمام الشافعي في مسنده، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت، من كتاب اختلاف مالك والشافعي، باب ما جاء في المظالم 1/224، كلاهما من طريق عمرو بن يحيى المازني عن أبيه، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده 3/313، رقم 2867، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وأخرجه كذلك ابن ماجه في سننه، في كتاب الأحكام، باب من بنى في حقه ما يضر بجاره 2/784، رقم 2340، من حديث عبادة بن الصامت t، والبيهقي في السنن الكبرى، في كتاب الصلح، باب لا ضرر ولا ضرار 6/69، رقم 11166، من حديث أبي سعيد الخدري t، وصححه الألباني، في مختصر إرواء الغليل 1/172، رقم 896. مراجع سابقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق