بسم الله الرحمن الرحيم
المصادر:
معهد الدراسات الاسلامية التابع لاية الله السيد محمود الهاشمي (1405-1408) ومعهد الامام الصادق عليه السلام للخطابة (1407) التابع للشيخ الخفاجي ومدرسة الامام شرف الدين (1407) بإدارة الشيخ عباس الكوراني ومعهد الامام الرضا عليه السلام التابع للشيخ الآصفي (1416-1418) .
البحث حول المهدي (عج) السيد محمد باقر الصدر
الامامة لغة : وفي لسان العرب: (يقال إمام القوم، معناه هو المتقدم لهم، ويكون الإمام رئيسا،
كقولك: إمام المسلمين) لسان العرب، ج12، ص 26.
القرآن الكريم
أطلق كلمة الإمام على الموْقعين معا،
ففي مكان قال: {وَجَعَلْنَاهُمْ
أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا}(الأنبياء/73)، وقال في مكان آخر:
{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ}(القصص41).
وبالنسبة إلى فرعون استخدم كلمة مناظرةً لكلمة (الإمام)، عندما قال {يَقْدُمُ
قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}(هود/98).
فالإمام إذن هو المقتدى، ولا شأن لنا - في هذا البحث - بالإمام الضالّ، بل الذي
يعنينا هو مفهوم الإمام في نفسه.
تجري الإمامة في عدّة مفاهيم منها الريادة
والرائد لايكذب قومه
الامامة : عرفها الماوردي الامامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به.
وعرفها محمود نجيب : الرئاسة العامة في امور الدين والدنيا
مفهوم الإمامة في القرآن
لقد ورد لفظ الإمام مع بعض مشتّقاته في القرآن الكريم اثنتا عشرة مرة: سبع منها جاء بصورة «المفرد»، وخمس منها جاء بنحو «الجمع»،وفي جميع تلك الموارد جاءت لفظة الإمام وصفاً لأشياء متعدّدة نذكرها على نحو الإجمال:
1. الإنسان:
وهو الشخص الذي يتحمّل مسؤولية إمامة وقيادة مجموعة من الناس، قال سبحانه: ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً ) .( [14])
فتارة
يكون هذا الإمام مفيداً ونافعاً للمأمومين وللتابعين كما في المثال الذي
ورد في الآية الكريمة، وتارة أُخرى يكون هذا الإمام مضراً لتابعيه إلى حد
يوردهم المهالك ويوقعهم في المهاوي في الدارين الدنيا والآخرة، كما يقول
سبحانه: ( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النّارِ وَيَوْمَ القِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ ) .( [5])
فالإمام
بكلا مصداقيه سواء أكان إمام حقّ أم باطل لا يختصّ بهذا العالم، بل هما
يتحمّلان مسؤولية الإمامة في الدارين، كما يقول سبحانه وتعالى وبصورة
شاملة: ( يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناس بِإِمامِهِمْ... ) .( [6])
ويقول في خصوص إمامة فرعون: ( يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النّارَ... ) .( [7])
2. الكتاب:
قال تعالى: ( ...وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً... ) .( [8])
3. الطريق:
قال تعالى: ( فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما لَبِإِمام مُبين ) .( [9])
والامامة في القران وردت بالايات:
وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين
س/ بماذا ابتلى الله تعالى النبي ابراهيم عليه السلام
اولا : يمكن جمع النبوة والامامة في شخص واحد وحدث ذلك في نبي الله ابراهيم عليه السلام
ثانيا : لاينال عهدي الظالمين يستفاد منها العصمة
اما الابتلاء الاول فهو ذبح ابنه اسماعيل
اما الابتلاء الثاني فهي النار التي القاها فيها قومه وقيل ان قومه جمعوا لها حطب اربعين يوم
ولما القي فيها جاء له جبرائيل وقال له الك حاجة فقال اما لك لا ولله حاجتي
يقول تعالى منبها على شرف إبراهيم خليله ، عليه السلام وأن الله تعالى جعله إماما للناس يقتدى به في التوحيد ، حتى قام بما كلفه الله تعالى به من الأوامر والنواهي ; ولهذا قال : ( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات ) أي : واذكر يا محمد لهؤلاء المشركين وأهل الكتابين الذين ينتحلون ملة إبراهيم وليسوا عليها ، وإنما الذي هو عليها مستقيم فأنت والذين معك من المؤمنين ، اذكر لهؤلاء ابتلاء الله إبراهيم ، أي : اختباره له بما كلفه به من الأوامر والنواهي ( فأتمهن ) أي : قام بهن كلهن ، كما قال تعالى : ( وإبراهيم الذي وفى ) [ النجم : 37 ] ، أي : وفى جميع ما شرع له ، فعمل به صلوات الله عليه ، وقال تعالى : ( إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ) [ النحل : 120 ، 123 ] ، وقال تعالى : ( قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ) [ الأنعام : 161 ] ، وقال تعالى : ( ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ) [ آل عمران : 67 ، 68 ]
وقوله تعالى : ( بكلمات ) أي : بشرائع وأوامر ونواه ، فإن الكلمات تطلق ، ويراد بها الكلمات القدرية ، كقوله تعالى عن مريم ، عليها السلام ، : ( وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين ) [ التحريم : 12 ] . وتطلق ويراد بها الشرعية ، كقوله تعالى : ( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا [ لا مبدل لكلماته ] ) [ الأنعام : 115 ] أي : كلماته الشرعية . وهي إما خبر صدق ، وإما طلب عدل إن كان أمرا أو نهيا ، ومن ذلك هذه الآية الكريمة : ( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن ) أي : قام بهن . قال : ( إني جاعلك للناس إماما ) أي : جزاء على ما فعل ، كما قام بالأوامر وترك الزواجر ، جعله الله للناس قدوة وإماما يقتدى به ، ويحتذى حذوه .
وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ
وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي
قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ
وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا
يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ
وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)
وقوله: ( يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) يقول: يرثني من بعد وفاتي مالي، ويرث من آل يعقوب النبوة، وذلك أن زكريا كان من ولد يعقوب.
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ{23} وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ{24}
{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ }القصص5...
وهي الاية التي نطق بها الامام المهدي عجل الله فرجه بعد ولادته المكرمة
الامامة عهد الله وليس عهد الناس اي ان الامامة منصب الهي لان الجعل من الله
الامامة لا ينالها غير المعصوم (( لا ينال عهدي الظالمين )) والانسان قد يكون ظالم لنفسه او لغيره او كلاهما
الحسن والحسين امامان قاما او قعدا
وروى البخاري أيضا بسنده عن
شعبة عن الحكم عن مصعب بن سعد عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خرج
إلى تبوك واستخلف عليا ، فقال : أتخلفني في الصبيان والنساء ، قال : ألا ترضى
أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه ليس نبي بعدي
صحيح البخاري 6 / 3
العدالة الاجتماعية عند الامام علي عليه السلام
العدالة عكس الظلم
رفع الظلم شيء واقع موجود فيرفع
دفع الظلم الدفع يكون قبل وقوع الظلم
العدالة الاجتماعية : هي دفع او رفع الظلم عن كاهل المجتمع
قال سيّد قطب في كتابه "العدالة الاجتماعيّة"[ص159]:
"هذا التّصوّر لحقيقة الحكم قد تغيّر
شيئًا ما دون شكّ على عهد عثمان - وإن بقي في سياج الإسلام - لقد أدركت
الخلافة عثمان وهو شيخ كبير. ومن ورائه مروان بن الحكم يصرّف الأمر بكثير
من الانحراف عن الإسلام.كما أنّ طبيعة عثمان الرّخيّة، وحدبه الشّديد على
أهله، قد ساهم كلاهما في صدور تصرّفات أنكرها الكثيرون من الصّحابة من
حوله، وكانت لها معقبات كثيرة، وآثار في الفتنة التي عانى الإسلام منها
كثيرًا. منح عثمان من بيت المال زوج ابنته الحارث بن الحكم يوم عرسه مئتي
ألف درهم.
والأمثلة كثيرة في سيرة عثمان على
هذه التّوسعات؛ فقد منح الزّبير ذات يوم ستمائة ألف، ومنح طلحة مائتي ألف،
ونفّل مروان بن الحكم خمس خراج إفريقية. ولقد عاتبه في ذلك ناس من الصّحابة
عل رأسهم علي بن أبي طالب، فأجاب: "إنّ لي قرابة ورحمًا" فأنكروا عليه
وسألوه: "فما كان لأبي بكر وعمر قرابة ورحم؟" فقال: "إنّ أبا بكر وعمر كان
يحتسبان في منع قرابتهما، وأنا أحتسب في إعطاء قرابتي" فقاموا عنه غاضبين
يقولون: "فهديهما والله أحب إلينا من هديك" وغير المال كانت الولايات تغدق
على الولاة من قرابة عثمان. وفيهم معاوية الّذي وسع عليه في الملك فضمّ
إليه فلسطين وحمص؛ وجمع له قيادة الأجناد الأربعة ومهد له بعد ذلك أن يطلب
الملك في خلافة علي وقد جمع المال والأجناد. وفيهم الحكم بن العاص طريد
رسول الله الّذي آواه عثمان وجعل ابنه مروان بن الحكم وزيره المتصرّف.
وفيهم عبد الله بن سعد بن أبي السّرح أخوه من الرّضاعة…الخ"
عدالة الامام علي عليه السلام
قام الامام علي بازالة الفوارق بين المسلمين وامر برد ماوهبه الاول والثاني الى بيت المال
ولقد لازمت شخصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام السامية جوهرة العدالة الثمينة،و
اقترن اسمه المقدس بالعدالة،فقد كان عادلا يأنس بالعدالة و يهتم بها.
إن كل مجتمع أو جماعة أو فرد مناد بالعدالة،و يأمل في تكوين مجتمع يقوم على أساس القسط
و العدل،يضع عدل علي عليه السلام نصب عينه،و يتخذ اسلوب علي عليه السلام في تطبيق العدالة
و نظامه العادل قدوة له في برنامجه الذي يسعى إلى تطبيقه.
حقا لم يعرف تاريخ الانسانية شخصا كعلي عليه السلام خلد اسمه إلى الأبد و ارتسمت صورة
عدالته في أذهان البشر،فقد كان عاشقا للعدالة مولعا بها إلى غايتها القصوى
المجتمع لا يطيق عدالته عليه السلام
لقد كان علي عليه السلام يعلم أن ذلك المجتمع لا يتحمل تطبيق العدالة التي يريد الإمام
تطبيقها،و لما كان عليه السلام لا يتبع إلا الحق و إقامة العدل فإنه رفض قبول الخلافة
بالرغم من ضغط الناس عليه و تسابقهم بالبيعة له،لأنه كان يعلم أن الإنحرافات،و التفاوت
الطبقي،و عدم المساواة الذي عم المجتمع،لا يمكن أن يدعه يطبق العدالة دون إثارة العراقيل
و المشاكل في وجهه و وضع الصعوبات في طريقه،و لذلك قال عليه السلام:«دعوني و التمسوا
غيري،فإنا مستقبلون أمرا له وجوه و ألوان لا تقوم له القلوب و لا تثبت عليه العقول،و
إن الآفاق قد أغامت و المحجة قد تنكرت،و اعلموا أني إن أجبتكم ركبتبكم ما أعلم،و لم
أصغ إلى قول القائل و عتب العاتب،و إن تركتموني فأنا كأحدكم،و لعلي أسمعكم و أطوعكم
لمن وليتموه أمركم،و أنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا». (6)
و عند ما اضطر علي عليه السلام أن يقبل الخلافة،و سار على كتاب الله و سنة رسول الله
صلى الله عليه و آله و اجتهاده و رأيه الذي كان يعني إقامة العدل في المجتمع الاسلامي
بالرغم من غضب أصحاب الثروات غير المشروعة و المتساهلين في أمر الدين و رفضهم لاسلوب
علي عليه السلام و طريقته في إقامة العدل،و هي طريقة رسول الله صلى الله عليه و آله،و
كان عليه السلام قد أشار إلى أهمية العدالة في تقسيم المال في أول خطبة خطبها حين اجتمع
إليه المهاجرون و الأنصار بعد مقتل عثمان،حيث قال عليه السلام:«إني قد كنت كارها لأمركم،فأبيتم
إلا أن أكون عليكم،ألا و إنه ليس لي أمر دونكم،إلا أن مفاتيح مالكم معي،ألا و إنه ليس
لي أن آخذ منه درهما دونكم،رضيتم؟قالوا:نعم،قال:اللهم اشهد عليهم،ثم بايعهم على ذلك» (7) و لذلك ثارت نائرة الحقد في صدورهم فأشعلوا تلك الحروب ضد علي عليه السلام.
صور من عدله عليه السلام على مدى حكومته
و من أجل نتعرف أكثر على عدل الامام علي عليه السلام و لترسم هذه الحقيقة بأجلى صورها
نشير إلى موارد توضح صورة تلك العدالة:
منها:صادر كل الأموال الموهوبة بغير حق في عهد عثمان
عندما تسلم علي عليه السلام زمام حكومة المسلمين بعد عثمان صادر كل الأموالالموهوبة
بغير حق إلى طبقة الأشراف،و قد بين سياسته للناس عبر خطبته التي يقول فيها (فيما رده
على المسلمين من قطائع) :«و الله و لو وجدته قد تزوج به النساء و ملك به الاماء لرددته،فإن
في العدل سعة،و من ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق». (16)
روى ابن أبي الحديد المعتزلي في ذيل هذه الخطبة،عن ابن عباس:أن عليا عليه السلام خطب
في اليوم الثاني من بيعته بالمدينة،فقال:«ألا إن كل قطيعة (17) أقطعها عثمان و كل مال أعطاه من مال الله،فهو مردود في بيت المال،فإن الحق القديم لا
يبطله شيء،و لو وجدته قد تزوج به النساء،و فرق في البلدان لرددته إلى حاله،فإن في العدل
سعة،و من ضاق عنه الحق فالجور عليه أضيق
(18) »إلى أن قال:قال الكلبي:ثم أمر عليه السلام بكل سلاح وجد لعثمان في داره،مما تقوى به
على المسلمين فقبض،و أمر بقبض نجائب كانت في داره من إبل الصدقة فقبضت،و أمر بقبض سيفه
و درعه،و أمر ألا يعرض لسلاح وجد له لم يقاتل به المسلمين،و بالكف عن جميع أمواله التي
وجدت في داره و في غير داره،و أمر أن ترتجع الأموال التي أجاز بها عثمان حيث اصيبت أو
اصيب أصحابها.
فبلغ ذلك عمرو بن العاص،و كان بأيلة من أرض الشام،أتاها حيث وثب الناس على عثمان فنزلها،فكتب
إلى معاوية:ما كنت صانعا فاصنع،إذ قشرك ابنأبي طالب من كل مال تملكه كما يقشر عن العصا
لحاها. (19)
و منها:إطفاؤه السراج لأن زيته من بيت المال
قال الكشفي الحنفي في المناقب المرتضوية:كان أمير المؤمنين عليه السلام قد دخل ليلة
في بيت المال يكتب قسمة الأموال،فورد عليه طلحة و الزبير،فأطفأ عليه السلام السراج الذي
بين يديه،و أمر بإحضار سراج آخر من بيته،فسألاه عن ذلك؟
فقال عليه السلام:«كان زيته من بيت المال،لا ينبغي أن نصاحبكم في ضوئه». (20)
الإمام علي عليه السلام رائد العدالة الاجتماعية
سعى الإمام علي (عليه السلام) منذ اللحظات الأولى لوصوله إلى الحكم نحو ترسيخ أُسس
العدالة في المجتمع الإسلامي، فحارب الفقر محاربةً لا هوادة فيها، وعمِلَ على إعطاء
أصحاب الفيء حقوقهم، وساوى بين الجميع في العطاء، وأمر أصحاب الأموال والثروات بدفع
ما عليهم من حقوقٍ إلى بيت المال، ثمّ ندّد بأولئك الذين يأكلون الأموال بالباطل
سواء بالغصب أو بالسرقة أو بالاحتكار أو الرشوة، واعتبر أن أعظم الجرائم اغتصاب مال
الله من بيت المال الذي هو حقّ الأيتام والفقراء والمساكين، وحاسب هؤلاء حساباً
يسيراً، وطبّق عليهم مبدأ من أين لك هذا؟.
وبهذا غدا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أعظم نموذج للعدالة
والمساواة وواحداً من روادها الذين لم يعرف لهم التاريخ نظيراً.
جاء في كلام ابن الأثير المؤرّخ المعروف في وصف عدالة (الإمام عليه السلام): "إنّ
زهده وعدله لا يمكن استقصاؤهما، وماذا يقول القائل في عدل خليفةٍ يجد في مالٍ جاءه
من أصفهان رغيفاً فيقسِّمه أجزاء كما قسّم المال، ويجعل على كل جزء جزء، ويساوي بين
الناس في العطاء، ويأخذ كأحدهم"1.
ولو نظرنا إلى زهده (عليه السلام) في الدنيا لأخذنا العجب من هذا الإنسان العظيم
الذي كانت الدنيا في يده وهو يلبس الخشن ويأكل الجشب مواساةً للفقراء ويقول: "يا
دنيا غرّي غيري" ولم يَخلُف في أهله إلّا سبعمائة درهم، ويفرِّق جميع ما في بيت
المال ثمّ يأمر به فيُكنَس ثمّ يصلّي فيه رجاء أن يشهد له، وما شبع من مالٍ قط.
ولم يكن اهتمام علي عليه السلام بقضية العدالة الاجتماعية بمحض الصدفة، بل إنّ ذلك
يرتبط ارتباطا وثيقاً بالأوضاع الفاسدة التي آلت إليها حالة العالم الإسلامي آنذاك
نتيجةً لتلك السياسات الفاسدة من قبل الحكّام الذين ميزوا بين الناس في العطاء.
وذكر بإسناد صحيح عن أبي موسى الأشعري قال " ذكرنا علي صلاة كنا نصليها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إما نسيناها وإما تركناها عمدا "