الخميس، 22 يناير 2015

بنود صلح الامام الحسن (عليه السلام) بواسطة حسين الذبحاوي


تاريخ الصلح

26 ربيع الأوّل 41ﻫ.

ظروف ما قبل الصلح

بعد استلام الإمام الحسن(عليه السلام) لمنصب الإمامة، كانت أنباء جيش الشام تذاع في الكوفة والبصرة وسائر البلاد، مع شيء من المبالغة، وكان الجميع يعلم أنّ حرباً وشيكة تنتظرهم.
وعندما حشّد معاوية جيشه الجرّار الذي انتهى عدده إلى ستّين ألفاً، وقاده هو بنفسه بعدما استخلف مكانه الضحّاك، كان على الإمام الحسن(عليه السلام) أن يحشّد قوّة الحقّ أيضاً لتقابل جولة الباطل.
بيد أنّه(عليه السلام) رأى أن يراسله قبل ذلك؛ إتماماً للحجّة وقطعاً للعذر، فأرسل إليه كتاباً، هذا بعضه: «وإنّما حملني إلى الكتابة إليك، الأعذار فيما بيني وبين الله عزّ وجلّ في أمرك، ولك في ذلك إن فعلته الحظّ الجسيم، والصلاح للمسلمين، فدع التمادي في الباطل، وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي، فإنّك تعلم أنِّي أحقُّ بهذا الأمر منك عند الله، وعند كلّ أوّاب حفيظ، ومَن له قلب منيب، واتّقِ الله ودع البغي، واحقن دماء المسلمين.
فوالله ما لك خير في أن تلقى الله من دمائهم بأكثر ممّا أنت لاقيه به، وادخل في السلم والطاعة، ولا تُنازع الأمر أهله ومَن هو أحقّ به منك، ليطفئ الله النائرة بذلك، ويجمع الكلمة، ويصلح ذات البين، وإن أنت أبيت إلّا التمادي في غيِّك، سرتُ إليك بالمسلمين فحاكمتك، حتّى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين»(1).
وبعدها تُبودلت الرسائل بين القيادتين، ومنها رسائل الإمام الحسن(عليه السلام) التي كانت تقوم على الحجّة الدامغة التي ملاكها النقد والتجربة. ورسائل معاوية التي تقوم على المراوغة، وإعطاء العهود والمواثيق على تقسيم بيت المال على حساب الوجاهات، والمراتب القبلية الزائفة.
بعد ذلك وردت الأنباء بخبر احتشاد الجيش الأُموي وابتدائه بالمسير إلى الكوفة.
وكان على الإمام(عليه السلام) أن يتصدّى لمقابلته، ولكنّ طريقة تعبئة الجند عند الإمام(عليه السلام) كانت تختلف كثيراً عن طريقة معاوية في ذلك، فمعاوية كان ينتقي ذوي الضمائر الميّتة، والقلوب السود، فيشتريها بأموال المسلمين.
وكان يستدعي بعض النصارى فيغريهم بالأموال الطائلة لمحاربة الإمام(عليه السلام)، وهم آنذاك لا يرون فصيلاً من ذلك؛ لأنّهم كانوا يرون في شخص الإمام(عليه السلام) المثال الكامل للإسلام، ذلك الدين الذي يبغضونه ويعادونه.
أمّا الإمام(عليه السلام)، فإنّه كان يلاحظ في الجند أشياء كثيرة، ولم يكن يعد الناس بالوعود الفارغة ثمّ يخلفها بعد أن يستتب له الأمر، ولم يكن يهب ولاية البلاد المختلفة بغير حساب لهذا أو ذاك.
ولا كان يحمل الناس على الحرب حملاً قاسياً وهم لها منكرون، ولم يكن يبيح للجند الفتك، وهتك الحرمات، وابتياع الأسرى.
وهو(عليه السلام) يعتبر عدوّه فئة باغية من المسلمين، يجب أن تُردع بأحسن طريقة ممكنة، ولكنّ معاوية وحزبه كانوا يرون مقابليهم عدّواً سياسياً يجب أن يُمزّق بأيّ أُسلوبٍ كان.
ولذلك كان جمع الجيش ميسّراً عند معاوية، وعلى عكس الأمر عند الإمام(عليه السلام)، حيث كان ذلك من الصعوبة بمكان.





بنود صلح الامام الحسن (عليه السلام) :

بعد أن لم يبق للإمام الحسن(عليه السلام) سبيل غير القبول بالصلح وترك امر الحكم الى معاوية فترة من الزمن لكي يفتضح أمره وتنكشف سياسة بني أمية عند من كان منخدعا بظاهر سياستهم , فكتب(عليه السلام) بنود الصلح ولم يقدم فيها لمعاوية أي امتياز , ولم يعترف به رسميا كخليفة , وانما هو حاكم من الحكام , واليكم البنود :
1- تسليم الامر الى معاوية على أن يعمل بكتاب الله وبسنة رسوله (ص) وسيرة الخلفاء الصالحين .
2- أن يكون الامر للحسن(عليه السلام) من بعده [أي بعد هلاك معاوية] فإن حدث به حادث فلأخيه الحسين (عليه السلام) , وليس لمعاوية أن يعهد الى أحد .
3- أن يترك سبّ لأمير المؤمنين (عليه السلام) والقنوت عليه بالصلاة , وأن لايذكر عليا الا بخير .
4- استثناء ما في بيت مال الكوفة وهو خمسة آلاف ألف [أي خمسة ملايين ] فلا يشمله تسليم الامر , وعلى معاوية أن يحمل الى الحسن (عليه السلام) ألفي ألف درهم , وأن يفضل بني هلشم في العطاء والصلاة على بني عبد شمس , وأن يفرّق في أولاد من قتل مع أمير المؤمنين يوم الجمل , وأولاد من قتل معه في صفين ألف ألف درهم , وأن يجعل ذلك من خراج دار أبجر .
5- أن الناس آمنون حيث كانوا من ارض الله في شامهم وعراقهم وحجازهم ويمنهم , وأن يؤمن الاسود والاحمر , وأن يحتمل معاوية هفواتهم , وأن لايتبع أحدا بما مضى , ولا يأخذ أهل العراق بإحنة ., وأن لا ينال أحداً من شيعة علي (عليه السلام) وأنهم آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم , وأن لايتعقّب عليهم شيئا ولا يتعرض لهم بسوء ويوصل الى كل ذي حقّ حقّه
وأن لايبغي للحسن بن علي ولا لأخيه الحسين(عليهما السلام) ولا لأحد من أهل بيت رسول الله غائلة , سرّا ولا جهرا , ولا يخيف أحدا منهم في أفق من الآفاق .

من كنت مولاه فهذا علي مولاه بواسطة حسين الذبحاوي

سْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
1
الحمد والثناء
الْحَمْدُ للهِِ الَّذي عَلا في تَوَحُّدِهِ وَدَنا في تَفَرُّدِهِ وَجَلَّ في سُلْطانِهِ وَعَظُمَ في أَرْكانِهِ، وَأَحاطَ بِكُلِّ شَيْء عِلْماً وَهُوَ في مَكانِهِ، وَقَهَرَ جَميعَ الْخَلْقِ بِقُدْرَتِهِ وَبُرْهانِهِ، حَميداً لَمْ يَزَلْ، مَحْمُوداً لا يَزالُ وَمَجيداً لا يَزُولُ، وَمُبْدِئاً وَمُعيداً وَكُلُّ أَمْر إلَيْهِ يَعُودُ.
بارِئُ الْمَسْمُوكاتِ وَداحِى الْمَدْحُوّاتِ وَجَبّارُ الاَْرَضينَ وَالسَّماواتِ، قُدُّوسٌ سُبُّوحٌ، رَبُّ الْمَلائِكَةِ




وَالرُّوحِ، مُتَفَضِّلٌ عَلى جَميعِ مَنْ بَرَأَهُ، مُتَطَوِّلٌ عَلى جَميعِ مَنْ أَنْشَأَهُ. يَلْحَظُ كُلَّ عَيْن وَالْعُيُونُ لا تَراهُ. كَريمٌ حَليمٌ ذُو أَناة، قَدْ وَسِعَ كُلَّ شَيْء رَحْمَتُهُ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ بِنِعْمَتِهِ. لا يَعْجَلُ بِانْتِقامِهِ، وَلا يُبادِرُ إلَيْهِمْ بِمَا اسْتَحَقُّوا مِنْ عَذابِهِ.
قَدْ فَهِمَ السَّرائِرَ وَعَلِمَ الضَّمائِرَ، وَلَمْ تَخْفَ عَلَيْهِ الْمَكْنُوناتُ وَلاَ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْخَفِيّاتُ. لَهُ الاْحاطَةُ بِكُلِّ شَيْء وَالْغَلَبَةُ عَلى كُلِّ شَيْء وَالْقُوَّةُ في كُلِّ شَيْء وَالْقُدْرَةُ عَلى كُلِّ شَيْء، وَلَيْسَ مِثْلَهُ شَيْءٌ. وَهُوَ مُنْشِئُ الشَّيْءِ حينَ لا شَيْءَ، دائِمٌ حَيٌّ وَقائِمٌ بِالْقِسْطِ، لا إلهَ إلاّ هُوَ الْعَزيزُ الْحَكيمُ.
جَلَّ عَنْ أَنْ تُدْرِكَهُ الاَْبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الاَْبْصارَ وَهُوَ اللَّطيفُ الْخَبيرُ. لا يَلْحَقُ أَحَدٌ وَصْفَهُ مِنْ مُعايَنَة، وَلا يَجِدُ أَحَدٌ كَيْفَ هُوَ مِنْ سِرٍّ وَعَلانِيَة، إلاّ بِما دَلَّ عَزَّ وَجَلَّ عَلى نَفْسِهِ.




وَأَشْهَدُ أَنَّهُ اللهُ الَّذي مَلاََ الدَّهْرَ قُدْسُهُ، وَالَّذي يَغْشَى الاَْبَدَ نُورُهُ، وَالَّذي يُنْفِذُ أَمْرَهُ بِلا مُشاوَرَةِ مُشير، وَلا مَعَهُ شَريكٌ في تَقْديرِهِ، وَلا يُعاوَنُ في تَدْبيرِهِ. صَوَّرَ مَا ابْتَدَعَ عَلى غَيْرِ مِثال، وَخَلَقَ ما خَلَقَ بِلا مَعُونَة مِنْ أَحَد وَلا تَكَلُّف وَلاَ احْتِيال.
أَنْشَأَها فَكانَتْ، وَبَرَأَها فَبانَتْ. فَهُوَ اللهُ الَّذي لا إلهَ إلاّ هُوَ الْمُتْقِنُ الصَّنْعَةَ، الْحَسَنُ الصَّنيعَةُ، الْعَدْلُ الَّذي لا يَجُورُ، وَالاَْكْرَمُ الَّذي تَرْجِعُ إلَيْهِ الاُْمُورُ.
وَأَشْهَدُ أَنَّهُ اللهُ الَّذي تَواضَعَ كُلُّ شَيْء لِعَظَمَتِهِ، وَذَلَّ كُلُّ شَيْء لِعِزَّتِهِ، وَاسْتَسْلَمَ كُلُّ شَيْء لِقُدْرَتِهِ، وَخَضَعَ كُلُّ شَيْء لِهَيْبَتِهِ. مَلِكُ الاَْمْلاكِ وَمُفَلِّكُ الاَْفْلاكِ وَمُسَخِّرُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، كُلٌّ يَجْري لاَِجَل مُسَمّى، يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلى اللَّيْلِ يَطْلُبُهُ حَثيثاً. قاصِمُ كُلِّ جَبّار عَنيد، وَمُهْلِكُ كُلِّ شَيْطان مَريد.




لَمْ يَكُنْ لَهُ ضِدٌّ وَلا مَعَهُ نِدٌّ، أَحَدٌ صَمَدٌ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفْواً أَحَدٌ. إلهٌ واحِدٌ وَرَبُّ ماجِدٌ، يَشاءُ فَيُمْضي، وَيُريدُ فَيَقْضي، وَيَعْلَمُ فَيُحْصي، وَيُميتُ وَيُحْيي، وَيُفْقِرُ وَيُغْني، وَيُضْحِكُ وَيُبْكي، وَيُدْني وَيُقْصي، وَيَمْنَعُ وَيُعْطي، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْء قَديرٌ. يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ، لا إلهَ إلاّ هُوَ الْعَزيزُ الْغَفّارُ. مُسْتَجيبُ الدُّعاءِ وَمُجْزِلُ الْعَطاءِ، مُحْصِى الاَْنْفاسِ وَرَبُّ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ ; الَّذي لا يُشْكِلُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَلا يُضْجِرُهُ صُراخُ الْمُسْتَصْرِخينَ، وَلا يُبْرِمُهُ إلْحاحُ الْمُلِحّينَ. الْعاصِمُ لِلصّالِحينَ، وَالْمُوَفِّقُ لِلْمُفْلِحينَ، وَمَوْلَى الْمُؤْمِنينَ وَرَبُّ الْعالَمينَ ; الَّذي اسْتَحَقَّ مِنْ كُلِّ مَنْ خَلَقَ أَنْ يَشْكُرَهُ وَيَحْمَدَهُ عَلى كُلِّ حال.
أَحْمَدُهُ كَثيراً وَأَشْكُرُهُ دائِماً عَلَى السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ وَالشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ، وَأُومِنُ بِهِ وَبِمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ.




أَسْمَعُ لاَِمْرِهِ وَأُطيعُ وَأُبادِرُ إلى كُلِّ ما يَرْضاهُ وَأَسْتَسْلِمُ لِما قَضاهُ، رَغْبَةً في طاعَتِهِ وَخَوْفاً مِنْ عُقُوبَتِهِ، لاَِنَّهُ اللهُ الَّذي لا يُؤْمَنُ مَكْرُهُ وَلا يُخافُ جَوْرُهُ.
2
أمرٌ إلهىٌّ في موضوع هامّ
وَأُقِرُّ لَهُ عَلى نَفْسي بِالْعُبُودِيَّةِ، وَأَشْهَدُ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَأُؤَدّي ما أَوْحى بِهِ إلَيَّ، حَذَراً مِنْ أَنْ لا أَفْعَلَ فَتَحِلَّ بي مِنْهُ قارِعَةٌ لا يَدْفَعُها عَنّي أَحَدٌ وَإنْ عَظُمَتْ حيلَتُهُ وَصَفَتْ خُلَّتُهُ ; لا إلهَ إلاّ هُوَ.
لاِنَّهُ قَدْ أعْلَمَني أَنّي إنْ لَمْ أُبَلِّغْ ما أَنْزَلَ إلَيَّ في حَقِّ عَلِيٍّ فَما بَلَّغْتُ رِسالَتَهُ، وَقَدْ ضَمِنَ لي تَبارَكَ وَتَعالى الْعِصْمَةَ مِنَ النّاسِ وَهُوَ اللهُ الْكافِي الْكَريمُ.




فَأَوْحى إلَيَّ: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ـ في عَلِيٍّ، يَعْني فِي الْخِلافَةِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبي طالِب ـ وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ). مَعاشِرَ النّاسِ، ما قَصَّرْتُ في تَبْليغِ ما أَنْزَلَ اللهُ تَعالى إلَيَّ، وَأَنَا أُبَيِّنُ لَكُمْ سَبَبَ هذِهِ الاْيَةِ: إنَّ جَبْرَئيلَ هَبَطَ إلَيَّ مِراراً ثَلاثاً يَأْمُرُني عَنِ السَّلامِ رَبّي ـ وَهُوَ السَّلامُ ـ أَنْ أَقُومَ في هذَا الْمَشْهَدِ فَأُعْلِمَ كُلَّ أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبي طالِب أَخي وَوَصِيّي وَخَليفَتي عَلى أُمَّتي وَالاْمامُ مِنْ بَعْدي، الَّذي مَحَلُّهُ مِنّي مَحَلُّ هارُونَ مِنْ مُوسى إلاّ أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدي، وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدَ اللهِ وَرَسُولِهِ.
وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ تَبارَكَ وَتَعالى عَلَيَّ بِذلِكَ آيَةً مِنْ كِتابِهِ هي: (إنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)، وَعَلِيُّ بْنُ أَبي طالِب الَّذي أقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَهُوَ راكِعٌ يُريدُ




اللهَ عَزَّ وَجَلَّ في كُلِّ حال. وَسَأَلْتُ جَبْرَئيلَ أَنْ يَسْتَعْفِيَ لِيَ السَّلامَ عَنْ تَبْليغِ ذلِكَ إلَيْكُمْ ـ أَيُّهَا النّاسُ ـ لِعِلْمي بِقِلَّةِ الْمُتَّقينَ وَكَثْرَةِ الْمُنافِقينَ وَإدْغالِ اللاّئِمينَ وَحِيَلِ الْمُسْتَهْزِئينَ بِالاْسْلامِ، الَّذينَ وَصَفَهُمُ اللهُ في كِتابِهِ بِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ في قُلُوبِهِمْ، وَيَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظيمٌ، وَكَثْرَةِ أَذاهُمْ لي غَيْرَ مَرَّة، حَتّى سَمُّوني أُذُناً وَزَعَمُوا أَنّي كَذلِكَ لِكَثْرَةِ مُلازَمَتِهِ إيّايَ وَإقْبالي عَلَيْهِ وَهَواهُ وَقَبُولِهِ مِنّي، حَتّى أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ في ذلِكَ: (وَمِنْهُمُ الَّذينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ، قُلْ أُذُنُ ـ عَلَى الَّذينَ يَزْعَمُونَ أَنَّهُ أُذُنٌ ـ خَيْر لَكُمْ، يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذينَ آمَنوا مِنْكُمْ وَالَّذينَ يُؤذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَليمٌ).
وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أُسَمِّيَ الْقائِلينَ بِذلِكَ بِأَسْمائِهِمْ لَسَمَّيْتُ، وَأَنْ أومِئَ إلَيْهِمْ بِأَعْيانِهِمْ لاََوْمَأْتُ، وَأَنْ أَدُلَّ عَلَيْهِمْ لَدَلَلْتُ، وَلكِنّي وَاللهِ في أُمُورِهِمْ قَدْ تَكَرَّمْتُ.




وَكُلُّ ذلِكَ لا يَرْضَى اللهُ مِنّي إلاّ أَنْ أُبَلِّغَ ما أَنْزَلَ اللهُ إلَيَّ في حَقِّ عَلِيٍّ، (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ـ في حَقِّ عَلِيٍّ ـ وَاِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ).
3
الإعلان الرسمي
بإمامة الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) وولايتهم
فَاعْلَمُوا مَعاشِرَ النّاسِ ذلِكَ فيهِ وَافْهَمُوهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ قَدْ نَصَبَهُ لَكُمْ وَلِيّاً وَإماماً فَرَضَ طاعَتَهُ عَلَى الْمُهاجِرينَ وَالاَْنْصارِ وَعَلَى التّابِعينَ لَهُمْ بِإحْسان، وَعَلَى الْبادي وَالْحاضِرِ، وَعَلَى الْعَجَمِيِّ وَالْعَرَبِيِّ، وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ وَالصَّغيرِ وَالْكَبيرِ، وَعَلَى الاَْبْيَضِ وَالاَْسْوَدِ، وَعَلى كُلِّ مُوَحِّد ماض حُكْمُهُ، جاز قَوْلُهُ، نافِذٌ أَمْرُهُ، مَلْعُونٌ مَنْ خالَفَهُ، مَرْحُومٌ مَنْ تَبِعَهُ وَصَدَّقَهُ، فَقَدْ غَفَرَ اللهُ




لَهُ وَلِمَنْ سَمِعَ مِنْهُ وَأَطاعَ لَهُ. مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُ آخِرُ مَقام أَقُومُهُ في هذَا الْمَشْهَدِ، فَاسْمَعُوا وَأَطيعُوا وَانْقادُوا لاَِمْرِ اللهِ رَبِّكُمْ، فَإنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ مَوْلاكُمْ وَإلهُكُمْ، ثُمَّ مِنْ دُونِهِ رَسُولُهُ وَنَبِيُّهُ الْمُخاطِبُ لَكُمْ، ثُمَّ مِنْ بَعْدي عَلِيٌّ وَلِيُّكُمْ وَإمامُكُمْ بِأَمْرِ اللهِ رَبِّكُمْ، ثُمَّ الاْمامَةُ في ذُرِّيَّتي مِنْ وُلْدِهِ إلى يَوْم تَلْقَوْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ.
لا حَلالَ إلاّ ما أَحَلَّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَهُمْ، وَلا حَرامَ إلاّ ما حَرَّمَهُ اللهُ عَلَيْكُمْ وَرَسُولُهُ وَهُمْ، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَرَّفَنِيَ الْحَلالَ وَالْحَرامَ وَأَنَا أَفْضَيْتُ بِما عَلَّمَني رَبّي مِنْ كِتابِهِ وَحَلالِهِ وَحَرامِهِ إلَيْهِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، فَضِّلُوهُ. ما مِنْ عِلْم إلاّ وَقَدْ أَحْصاهُ اللهُ فِيَّ، وَكُلُّ عِلْم عُلِّمْتُ فَقَدْ أَحْصَيْتُهُ في إمامِ الْمُتَّقينَ، وَما مِنْ عِلْم إلاّ وَقَدْ عَلَّمْتُهُ عَلِيّاً، وَهُوَ الاْمامُ الْمُبينُ الَّذي ذَكَرَهُ اللهُ في سُورَةِ يس: (وكُلَّ شَيْء أَحْصَيْناهُ في إمام مُبين).




مَعاشِرَ النّاسِ، لا تَضِلُّوا عَنْهُ وَلا تَنْفِرُوا مِنْهُ، وَلا تَسْتَنْكِفُوا عَنْ وِلايَتِهِ، فَهُوَ الَّذي يَهْدي إلَى الْحَقِّ وَيَعْمَلُ بِهِ، وَيُزْهِقُ الْباطِلَ وَيَنْهى عَنْهُ، وَلا تَأْخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةُ لائِم. أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، لَمْ يَسْبِقْهُ إلَى الاْيمانِ بي أَحَدٌ، وَالَّذي فَدى رَسُولَ اللهِ بِنَفْسِهِ، وَالَّذي كانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ وَلا أَحَدَ يَعْبُدُ اللهَ مَعَ رَسُولِهِ مِنَ الرِّجالِ غَيْرُهُ. أَوَّلُ النّاسِ صَلاةً وَأَوَّلُ مَنْ عَبَدَ اللهَ مَعي. أَمَرْتُهُ عَنِ اللهِ أَنْ يَنامَ في مَضْجَعي، فَفَعَلَ فادِياً لي بِنَفْسِهِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، فَضِّلُوهُ فَقَدْ فَضَّلَهُ اللهُ، وَاقْبَلُوهُ فَقَدْ نَصَبَهُ اللهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُ إمامٌ مِنَ اللهِ، وَلَنْ يَتُوبَ اللهُ عَلى أَحَد أَنْكَرَ وِلايَتَهُ وَلَنْ يَغْفِرَ لَهُ، حَتْماً عَلَى اللهِ أَنْ يَفْعَلَ ذلِكَ بِمَنْ خالَفَ أَمْرَهُ وَأَنْ يُعَذِّبَهُ عَذاباً نُكْراً أَبَدَ الاْبادِ




وَدَهْرَ الدُّهُورِ. فَاحْذَرُوا أَنْ تُخالِفُوهُ، فَتَصْلُوا ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرينَ. مَعاشِرَ النّاسِ، بي ـ وَاللهِ ـ بَشَّرَ الاَْوَّلُونَ مِنَ النَّبِيّينَ وَالْمُرْسَلينَ، وَأَنَا ـ وَاللهِ ـ خاتَمُ الاَْنْبِياءِ وَالْمُرْسَلينَ، وَالْحُجَّةُ عَلى جَميعِ الْمَخْلُوقينَ مِنْ أَهْلِ السَّماواتِ وَالاَْرَضينَ. فَمَنْ شَكَّ في ذلِكَ فَقَدْ كَفَرَ كُفْرَ الْجاهِلِيَّةِ الاُْولى، وَمَنْ شَكَّ في شَيْء مِنْ قَوْلي هذا فَقَدْ شَكَّ في كُلِّ ما أُنْزِلَ إلَيَّ، وَمَنْ شَكَّ في واحِد مِنَ الاَْئِمَّةِ فَقَدْ شَكَّ فِي الْكُلِّ مِنْهُمْ، وَالشّاكُ فينا فِي النّارِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، حَبانِيَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهذِهِ الْفَضيلَةِ مَنّاً مِنْهُ عَلَيَّ وَإحْساناً مِنْهُ إلَيَّ وَلا إلهَ إلاّ هُوَ، أَلا لَهُ الْحَمْدُ مِنّي أَبَدَ الآبِدينَ وَدَهْرَ الدّاهِرينَ وَعَلى كُلِّ حال.
مَعاشِرَ النّاسِ، فَضِّلُوا عَلِيّاً فَإنَّهُ أَفْضَلُ النّاسِ بَعْدي مِنْ ذَكَر وَأُنْثى ما أَنْزَلَ اللهُ الرِّزْقَ وَبَقِيَ الْخَلْقُ.
مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ، مَغْضُوبٌ مَغْضُوبٌ مَنْ رَدَّ عَلَيَّ قَوْلي هذا وَلَمْ يُوافِقْهُ. أَلا إنَّ جَبْرَئيلَ خَبَّرَني عَنِ اللهِ تَعالى




بِذلِكَ وَيَقُولُ: "مَنْ عادى عَلِيّاً وَلَمْ يَتَوَلَّهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَتي وَغَضَبي"، (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَد وَاتَّقُوا اللهَ ـ أَنْ تُخالِفُـوهُ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها ـ إنَّ اللهَ خَبيرٌ بِما تَعْمَلُونَ). مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُ جَنْبُ اللهِ الَّذي ذَكَرَ في كِتابِهِ الْعَزيزِ، فَقالَ تَعالى مُخْبراً عَمَّنْ يُخالِفُهُ: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتا عَلى ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللهِ).
مَعاشِرَ النّاسِ، تَدَبَّرُوا القُرْآنَ وَافْهَمُوا آياتِهِ، وَانْظُرُوا إلى مُحْكَماتِهِ وَلا تَتَّبِعُوا مُتَشابِهَهُ، فَوَاللهِ لَنْ يُبَيِّنَ لَكُمْ زَواجِرَهُ وَلَنْ يُوضِحَ لَكُمْ تَفْسيرَهُ إلاَّ الَّذي أَنَا آخِذٌ بِيَدِهِ وَمُصْعِدُهُ إلَيَّ وَشائِلٌ بِعَضُدِهِ وَرافِعُهُ بِيَدي وَمُعْلِمُكُمْ: أَنَّ مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَهذا عَلِيٌّ مَوْلاهُ، وَهُوَ عَلِيٌّ بْنُ أَبي طالِب أَخي وَوَصِيّي، وَمُوالاتُهُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَها عَلَيَّ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ عَلِيّاً وَالطَّيِّبينَ مِنْ وُلْدي مِنْ صُلْبِهِ هُمُ الثِّقْلُ الاَْصْغَرُ، وَالْقُرْآنُ الثِّقْلُ الاَْكْبَرُ، فَكُلُّ واحِد مِنْهُما مُنْبِئٌ عَنْ صاحِبِهِ وَمُوافِقٌ لَهُ، لَنْ يَفْتَرِقا حَتّى يَرِدا




عَلَيَّ الْحَوْضَ. أَلا إنَّهُمْ أُمَناءُ اللهِ في خَلْقِهِ وَحُكّامُهُ في أَرْضِهِ.
أَلا وَقَدْ أَدَّيْتُ، أَلا وَقَدْ بَلَّغْتُ، أَلا وَقَدْ أَسْمَعْتُ، أَلا وَقَدْ أَوْضَحْتُ. ألا وَإنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قالَ، وَأَنَا قُلْتُ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
أَلا إنَّهُ لا "أَميرَالْمُؤْمِنينَ" غَيْرَ أَخي هذا. أَلا لا تَحِلُّ إمْرَةُ الْمُؤْمِنينَ بَعْدي لاَِحَد غَيْرِهِ.
4
رفع علي (عليه السلام) بيدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)


ثم ضرب بيده إلى عضد علي (عليه السلام) فرفعه، وكان أميرالمؤمنين (عليه السلام) منذ أول ما صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) منبره على درجة دون مقامه مُتيامِناً عن وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله)كأنَّهما في مقام واحد. فرفعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده وبسطهما إلى السماء وشال عليّاً (عليه السلام) حتى صارت رجله مع ركبة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قال:أيُّهَا النّاسُ، مَنْ أوْلى بِكُمْ مِنْ أنْفُسِكُمْ؟ قالوا: اللهُ وَ رَسوُلُهُ. فَقالَ:
ألا فَمَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَهذا عَلِيٌّ مَوْلاهُ، اللّهُمَّ والِ مَنْ




والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ. مَعاشِرَ النّاسِ، هذا عَلِيٌّ أَخي وَوَصِيّي وَواعي عِلْمي، وخَليفَتي في أُمَّتي عَلى مَنْ آمَنَ بي وَعَلى تَفْسيرِ كِتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ وَالدّاعي إلَيْهِ وَالْعامِلُ بِما يَرْضاهُ وَالْمُحارِبُ لاَِعْدائِهِ وَالْمُوالي عَلى طاعَتِهِ وَالنّاهي عَنْ مَعْصِيَتِهِ.
إنَّهُ خَليفَةُ رَسُولِ اللهِ وَأَميرُالْمُؤْمِنينَ وَالإمامُ الْهادي مِنَ اللهِ، وَقاتِلُ النّاكِثينَ وَالْقاسِطينَ وَالْمارِقينَ بِأَمْرِ اللهِ.
يَقُولُ اللهُ: (ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ). بِأَمْرِكَ يا رَبِّ أَقُولُ: اللّهُمَّ والِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَاْنصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ وَالْعَنْ مَنْ أَنْكَرَهُ وَاغْضِبْ عَلى مَنْ جَحَدَ حَقَّهُ.
اللّهُمَّ إنَّكَ أَنْزَلْتَ الاْيَةَ في عَلِيٍّ وَلِيِّكَ عِنْدَ تَبْيينِ ذلِكَ وَنَصْبِكَ إيّاهُ لِهذَا الْيَوْمِ: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الاْسْلامَ ديناً)، وَ قُلْتَ: (إنَّ الدّينَ عِنْدَ اللهِ اْلإسْلامُ)، وَ قُلْتَ: (وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الاْسْلامِ ديناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِى الاْخِرَةِ مِنَ الْخاسِرينَ).
اللّهُمَّ إنّي أُشْهِدُكَ أَنّي قَدْ بَلَّغْتُ.



التأكيد على توجه الأُمة نحو مسألة الإمامة

مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّما أَكْمَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ دينَكُمْ بِإمامَتِهِ. فَمَنْ لَمْ يَأْتَمَّ بِهِ وَبِمَنْ يَقُومُ مَقامَهُ مِنْ وُلْدي مِنْ صُلْبِهِ إلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَالْعَرْضِ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأُولئِكَ الَّذينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا والاْخِرَةِ وَفِي النّارِ هُمْ خالِدُونَ، (لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ).
مَعاشِرَ النّاسِ، هذا عَلِيٌّ، أَنْصَرُكُمْ لي وَأَحَقُّكُمْ بي وَأَقْرَبُكُمْ إلَيَّ وَأَعَزُّكُمْ عَلَيَّ، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنَا عَنْهُ راضِيانِ. وَما نَزَلَتْ آيَةُ رِضىً فِي الْقُرْآنِ إلاّ فيهِ، وَلا خاطَبَ اللهُ الَّذينَ آمَنُوا إلاّ بَدَأَ بِهِ، وَلا نَزَلَتْ آيَةُ مَدْح فِي الْقُرآنِ إلاّ فيهِ، وَلا شَهِدَ اللهُ بِالْجَنَّةِ في (هَلْ أَتى عَلَى الاِْنْسانِ) إلاّ لَهُ، وَلا أَنْزَلَـها في سِواهُ وَلا مَدَحَ


الصفحة 42
بِهـا غَيْرَهُ. مَعاشِرَ النّاسِ، هُوَ ناصِرُ دينِ اللهِ وَالْمُجادِلُ عَنْ رَسُولِ اللهِ، وَهُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ الْهادِي الْمَهْدِيُّ. نَبِيُّكُمْ خَيْرُ نَبِيٍّ وَوَصِيُّكُمْ خَيْرُ وَصِيٍّ وَبَنُوهُ خَيْرُ الاَْوْصِياءِ.
مَعـاشِرَ النّـاسِ، ذُرِّيَّـةُ كُلُّ نَبِـيٍّ مِنْ صُلْـبِهِ، وَذُرِّيَّتـي مِنْ صُلْبِ أميرِالْمُؤْمِنينَ عَلِيٍّ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ إبْليسَ أَخْرَجَ آدَمَ مِنَ الْجَنَّةِ بِالْحَسَدِ، فَلا تَحْسُدُوهُ فَتَحْبِطَ أَعْمالُكُمْ وَتَزِلَّ أَقْدامُكُمْ، فَإنَّ آدَمَ أُهْبِطَ إلَى الاَْرْضِ بِخَطيئَة واحِدَة، وَهُوَ صَفْوَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَيْفَ بِكُمْ وَأَنْتُمْ أَنْتُمْ وَمِنْكُمْ أَعْداءُ اللهِ.
ألا وَإنَّهُ لا يُبْغِضُ عَلِيّاً إلاّ شَقِيٌّ، وَلا يُوالي عَلِيّاً إلاّ تَقِيٌّ، وَلا يُؤمِنُ بِهِ إلاّ مُؤمِنٌ مُخْلِصٌ. وَفي عَلِيٍّ ـ وَاللهِ ـ نَزَلَتْ سُورَةُ الْعَصْرِ: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، وَالْعَصْرِ، إنَّ الاْنْسانَ لَفي خُسْر) إلاّ عَلِيٌّ الَّذي آمَنَ وَرَضِيَ بِالْحَقِّ وَالصَّبْرِ.


الصفحة 43
مَعاشِرَ النّاسِ، قَدْ اسْتَشْهَدْتُ اللهَ وَبَلَّغْتُكُمْ رِسالَتي وَما عَلَى الرَّسُولِ إلاَّ الْبَلاغُ الْمُبينُ. مَعاشِرَ النّاسِ، (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
6
الإشارة إلى مقاصد المنافقين
مَعاشِرَ النّاسِ، (آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذي أُنْزِلَ مَعَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنّا أَصْحابَ السَّبْتِ). بِاللهِ ما عَنى بِهذِهِ الاْيَةِ إلاّ قَوْماً مِنْ أَصْحابي أَعْرِفُهُمْ بِأَسْمائِهِمْ وَأَنْسابِهِمْ، وَقَدْ أُمِرْتُ بِالصَّفْحِ عَنْهُمْ. فَلْيَعْمَـلْ كُلُّ امْرِئ عَلى ما يَجِدُ لِعَلِيٍّ في قَلْبِهِ مِنَ الْحُبِّ وَالْبُغْضِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، النُّورُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَسْلُوكٌ فِيَّ، ثُمَّ


الصفحة 44
في عَلِيِّ بْنِ أَبي طالِب، ثُمَّ فِي النَّسْلِ مِنْهُ إلَى الْقائِمِ الْمَهْدِيِّ الَّذي يَأْخُذُ بِحَقِّ اللهِ وَبِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَنا، لاَِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَنا حُجَّةً عَلَى الْمُقَصِّرينَ وَالْمُعانِدينَ وَالْمُخالِفينَ وَالْخائِنينَ وَالاْثِمينَ وَالظّالِمينَ وَالْغاصِبينَ مِنْ جَميعِ الْعالَمينَ. مَعاشِرَ النّاسِ، أُنْذِرُكُمْ أَنّي رَسُولُ اللهِ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِيَ الرُّسُلُ، أَفَإنْ مِتُّ أَوْ قُتِلْتُ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ؟ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشّاكِرينَ الصّابِرينَ. أَلا وَإنَّ عَلِيّاً هُوَ الْمَوْصُوفُ بِالصَّبْرِ وَالشُّكْرِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ وُلْدي مِنْ صُلْبِهِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، لا تَمُنُّوا عَلَيَّ بِإسْلامِكُمْ، بَلْ لا تَمُنُّوا عَلَى اللهِ فَيُحْبِطَ عَمَلَكُمْ وَيَسْخَطَ عَلَيْكُمْ وَيَبْتَلِيَكُمْ بِشُواظ مِنْ نار وَنُحاس، إنَّ رَبَّكُمْ لَبِالْمِرْصادِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ بَعْدي أَئِمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى النّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ.


الصفحة 45
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ اللهَ وَأَنَا بَريئانِ مِنْهُمْ. مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُمْ وَأَنْصارَهُمْ وَأَتْباعَهُمْ وَأَشْياعَهُمْ فِي الدَّرْكِ الاَْسْفَلِ مِنَ النّارِ وَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرينَ.
ألا إنَّهُـمْ أَصْحـابُ الصَّحيفَـةِ، فَلْيَنْظُـرْ أَحَـدُكُمْ فـي صَحيفَتِـهِ!!


قال: فذهب على الناس ـ إلاّ شرذمة منهم ـ أمر الصحيفة.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنّي أَدَعُها إمامَةً وَوِراثَةً في عَقِبي إلى يَوْمِ الْقِيامَةِ، وَقَدْ بَلَّغْتُ ما أُمِرْتُ بِتَبْليغِهِ حُجَّةً عَلى كُلِّ حاضِر وَغائِب، وَعَلى كُلِّ أَحَد مِمَّنْ شَهِدَ أَوْ لَمْ يَشْهَدْ، وُلِدَ أَوْ لَمْ يُولَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الْحاضِرُ الْغائِبَ وَالْوالِدُ الْوَلَدَ إلى يَوْمِ الْقِيامَةِ.
وَسَيَجْعَلُونَ الاْمامَةَ بَعْدي مُلْكاً وَاغْتِصاباً، ألا لَعَنَ اللهُ الْغاصِبينَ الْمُغْتَصِبينَ، وَعِنْدَها سَيَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ مَنْ يَفْرُغُ، وَيُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نار وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ.


الصفحة 46
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَكُمْ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتّى يَميزَ الْخَبيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ. مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُ ما مِنْ قَرْيَة إلاّ وَاللهُ مُهْلِكُها بِتَكْذيبِها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ، وَمُمَلِّكُهَا الاْمامَ الْمَهْدِيَّ وَاللهُ مُصَدِّقٌ وَعْدَهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، قَدْ ضَلَّ قَبْلَكُمْ أَكْثَرُ الاَْوَّلينَ، وَاللهُ لَقَدْ أَهْلَكَ الاَْوَّلينَ، وَهُوَ مُهْلِكُ الاْخِرينَ. قالَ اللهُ تَعالى: (أَلَمْ نُهْلِكِ الاَْوَّلينَ، ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الاْخِرينَ، كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمينَ، وَيْلٌ يَوْمَئِذ لِلْمُكَذِّبينَ).
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ اللهَ قَدْ أَمَرَني وَنَهاني، وَقَدْ أَمَرْتُ عَلِيّاً وَنَهَيْتُهُ بِأَمْرِهِ. فَعِلْمُ الاَْمْرِ وَالنَّهْيِ لَدَيْهِ، فَاسْمَعُوا لاَِمْرِهِ تَسْلِمُوا وَأَطيعُوهُ تَهْتَدُوا وَانْتَهُوا لِنَهْيِهِ تَرْشُدُوا، وَصيرُوا إلى مُرادِهِ وَلا تَتَفَرَّقْ بِكُمُ السُّبُلُ عَنْ سَبيلِهِ.


الصفحة 47
7
أولياء أهل البيت (عليهم السلام) وأعداءهم
مَعاشِرَ النّاسِ، أَنَا صِراطُ اللهِ الْمُسْتَقيمُ الَّذي أَمَرَكُمْ بِاتِّباعِهِ، ثُمَّ عَلِيٌّ مِنْ بَعْدي، ثُمَّ وُلْدي مِنْ صُلْبِهِ أَئِمَّةُ الْهُدى، يَهْدُونَ إلَى الْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ.
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، الْحَمْدُ للهِِ رَبِّ الْعالَمينَ، الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، مالِكِ يَوْمِ الدّينِ، إيّاكَ نَعْبُدُ وَإيّاكَ نَسْتَعينُ، اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقيمَ، صِراطَ الَّذينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضّالّينَ)، فِيَّ نَزَلَتْ وَفيهِمْ وَاللهِ نَزَلَتْ، وَلَهُمْ عَمَّتْ، وَإيّاهُمْ خَصَّتْ، أُولئِكَ أَوْلِياءُ اللهِ الَّذينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. أَلا إنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ.
أَلا إنَّ أَعْداءَهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ الْغاوُونَ إخْوانُ الشَّياطينِ، يُوحي بَعْضُهُمْ إلى بَعْض زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً.
أَلا إنَّ أوْلِياءَهُمُ الَّذينَ ذَكَرَهُمُ اللهُ في كِتابِهِ، فَقالَ عَزَّ وَجَلَّ: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَومِ الاْخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آبائَهُمْ أَوْ أَبْنائَهُمْ أَوْ


الصفحة 48
إخْوانَهُمْ أَوْ عَشيرَتَهُمْ، أُولئِكَ كَتَبَ في قُلُوبِهِمُ الاْيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوح مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنّات تَجْري مِنْ تَحْتِهَا الاَْنْهارُ خالِدينَ فيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). أَلا إنَّ أَوْلِياءَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ الَّذينَ وَصَفَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقالَ: (الَّذينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبَسُوا ايمانَهُمْ بِظُلْم أُولـئِكَ لَهُمُ الاَْمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ).
أَلا إنَّ أَوْلِياءَهُمُ الَّذينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرْتابُوا.
أَلا إنَّ أَوْلِياءَهُمُ الَّذينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِسَلام آمِنينَ، تَتَلَقّاهُمُ الْمَلائِكَةُ بِالتَّسْليمِ يَقُولُونَ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدينَ.
أَلا إنَّ أَوْلِياءَهُمْ، لَهُمُ الْجَنَّةُ يُرْزَقُونَ فيها بِغَيْرِ حِساب.
أَلا إنَّ أَعْداءَهُمُ الَّذينَ يَصْلَوْنَ سَعيراً.
أَلا إنَّ أَعْداءَهُمُ الَّذينَ يَسْمَعُونَ لِجَهَنَّمَ شَهيقاً وَهِيَ تَفُورُ وَيَرَوْنَ لَها زَفيراً.


الصفحة 49
أَلا إنَّ أَعْداءَهُمُ الَّذينَ قالَ اللهُ فيهِمْ: (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتّى إذَا ادّارَكُوا فيها جَميعاً قالَتْ أُخْريهُمْ لاِوُليهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لاتَعْلَمُونَ). أَلا إنَّ أَعْداءَهُمُ الَّذينَ قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: (كُلَّما أُلْقِيَ فيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذيرٌ، قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيء، إنْ أَنْتُمْ إلاّ في ضَلال كَبير، وَقالوُا لَوْ كُنّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنّا في أَصْحابِ السَّعيرِ فَاعْتَرَفوُا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لاَِصْحابِ السَّعيرِ).
أَلا إنَّ أَوْلِياءَهُمُ الَّذينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ، لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبيرٌ.
مَعاشِرَ النّاسِ، شَتّانَ ما بَيْنَ السَّعيرِ وَالاَْجْرِ الْكَبيرِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، عَدُوُّنا مَنْ ذَمَّهُ اللهُ وَلَعَنَهُ، وَوَلِيُّنا كُلُّ مَنْ مَدَحَهُ اللهُ وَأَحَبَّهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، أَلا وَإنّي أنَا النَّذيرُ وَعَلِيٌّ الْبَشيرُ.


الصفحة 50
مَعاشِرَ النّاسِ، أَلا وَإنّي مُنْذِرٌ وَعَلِيٌّ هاد. مَعاشِرَ النّاسِ، إنّي نَبِيٌّ وَعلِيٌّ وَصِيّي.
مَعاشِرَ النّاسِ، أَلا وَإنّي رَسُولٌ وَعَلِيٌّ الاْمامُ وَالْوَصِيُّ مِنْ بَعْدي، وَالاَْئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ وُلْدُهُ. أَلا وَإنّي والِدُهُمْ وَهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ صُلْبِهِ.
8
الإمام المهدي عجَّل الله تعالى فرجه الشريف
أَلا إنَّ خاتَمَ الأَئِمَّةِ مِنَّا الْقائِمَ الْمَهْدِيَّ. أَلا إنَّهُ الظّاهِرُ عَلَى الدّينِ. أَلا إنَّهُ الْمُنْتَقِمُ مِنَ الظّالِمينَ. أَلا إنَّهُ فاتِحُ الْحُصُونِ وَهادِمُها. أَلا إنَّهُ غالِبُ كُلِّ قَبيلَة مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ وَهاديها.
أَلا إنَّهُ الْمُدْرِكُ بِكُلِّ ثار لاَِوْلِياءِ اللهِ. أَلا إنَّهُ النّاصِرُ لِدينِ اللهِ. أَلا إنَّهُ الْغَرّافُ مِنْ بَحْر عَميق. أَلا إنَّهُ يَسِمُ كُلَّ


الصفحة 51
ذي فَضْل بِفَضْلِهِ وَكُلَّ ذي جَهْل بِجَهْلِهِ. أَلا إنَّهُ خِيَرَةُ اللهِ وَمُخْتارُهُ. أَلا إنَّهُ وارِثُ كُلِّ عِلْم وَالْمُحيطُ بِكُلِّ فَهْم. أَلا إنَّهُ الْمُخْبِرُ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْمُشَيِّدُ لاَِمْرِ آياتِهِ. أَلا إنَّهُ الرَّشيدُ السَّديدُ. أَلا إنَّهُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ.
أَلا إنَّهُ قَدْ بَشَّرَ بِهِ مَنْ سَلَفَ مِنَ الْقُرُونِ بَيْنَ يَدَيْهِ.
أَلا إنَّهُ الْباقي حُجَّةً وَلا حُجَّةَ بَعْدَهُ وَلا حَقَّ إلاّ مَعَهُ وَلا نُورَ إلاّ عِنْدَهُ.
أَلا إنَّهُ لا غالِبَ لَهُ وَلا مَنْصُورَ عَلَيْهِ. أَلا وَإنَّهُ وَلِيُّ اللهِ في أَرْضِهِ، وَحَكَمُهُ في خَلْقِهِ، وَأَمينُهُ في سِرِّهِ وَعَلانِيَتِهِ.


الصفحة 52
9
التمهيد لأمر البيعة
مَعاشِرَ النّاسِ، إنّي قَدْ بَيَّنْتُ لَكُمْ وَأَفْهَمْتُكُمْ، وَهذا عَلِيٌّ يُفْهِمُكُمْ بَعْدي.
أَلا وَإنّي عِنْدَ انْقِضاءِ خُطْبَتي أَدْعُوكُمْ إلى مُصافَقَتي عَلى بَيْعَتِهِ وَالاْقْرارِ بِهِ، ثُمَّ مُصافَقَتِهِ بَعْدي.
أَلا وَإنّي قَدْ بايَعْتُ اللهَ وَعَلِيٌّ قَدْ بايَعَني، وَأَنَا آخِذُكُمْ بِالْبَيْعَةِ لَهُ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. (إنَّ الَّذينَ يُبايِعُونَكَ إنَّما يُبايِعُونَ اللهَ، يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْديهِمْ. فَمَنْ نَكَثَ فَإنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ، وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتيهِ أَجْراً عَظيماً).
10
الحلال والحرام، الواجبات والمحرَّمات
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ، (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإنَّ اللهَ شاكِرٌ عَليمٌ).
مَعاشِـرَ النّاسِ، حِجُّـوا الْبَيْتَ، فَما وَرَدَهُ أَهْـلُ بَيْت


الصفحة 53
إلاَّ اسْتَغْنَـوْا وَأُبْشِـرُوا، وَلا تَخَلَّفُـوا عَنْهُ إلاّ بُتِـرُوا وَافْتَقَرُوا. مَعاشِرَ النّاسِ، ما وَقَفَ بِالْمَوْقِفِ مُؤْمِنٌ إلاّ غَفَرَ اللهُ لَهُ ما سَلَفَ مِنْ ذَنْبِهِ إلى وَقْتِهِ ذلِكَ، فَإذَا انْقَضَتْ حَجَّتُهُ اسْتَأْنَفَ عَمَلَهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، الْحُجّاجُ مُعانُونَ وَنَفَقاتُهُمْ مُخَلَّفَةٌ عَلَيْهِمْ وَاللهُ لا يُضيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنينَ.
مَعاشِرَ النّاسِ، حِجُّوا الْبَيْتَ بِكَمالِ الدّينِ وَالتَّفَقُّهِ، وَلاتَنْصَرِفُوا عَنِ الْمَشاهِدِ إلاّ بِتَوْبَة وَإقْلاع.
مَعاشِرَ النّاسِ، أَقيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ كَما أَمَرَكُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَإنْ طالَ عَلَيْكُمُ الاَْمَدُ فَقَصَّرْتُمْ أَوْ نَسيتُمْ فَعَلِيٌّ وَلِيُّكُمْ وَمُبَيِّنٌ لَكُمْ ; الَّذي نَصَبَهُ اللهُ عزَّ وَجَلَّ لَكُمْ بَعْدي أَمينَ خَلْقِهِ. إنَّهُ مِنّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَمَنْ يَخْلُفُ مِنْ ذُرِّيَّتي يُخْبِرُونَكُمْ بِما تَسْأَلُونَ عَنْهُ وَيُبَيِّنُونَ لَكُمْ ما لا تَعْلَمُونَ.


الصفحة 54
أَلا إنَّ الْحَلالَ وَالْحَرامَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ أُحْصِيَهُما وَأُعَرِّفَهُما ; فَآمُرُ بِالْحَلالِ وَأَنْهي عَنِ الْحَرامِ في مَقام واحِد، فَأُمِرْتُ أَنْ آخُذَ الْبَيْعَةَ مِنْكُمْ وَالصَّفْقَةَ لَكُمْ بِقَبُولِ ما جِئْتُ بِهِ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ في عَلِيٍّ أَميرِالْمُؤْمِنينَ وَالاَْوْصِياءِ مِنْ بَعْدِهِ الَّذينَ هُمْ مِنّي وَمِنْهُ إمامَةً فيهِمْ قائِمَةً، خاتِمُها الْمَهْدِيُّ إلى يَوْم يَلْقَى اللهَ الَّذي يُقَدِّرُ وَيَقْضي. مَعاشِرَ النّاسِ، وَكُلُّ حَلال دَلَلْتُكُمْ عَلَيْهِ وَكُلُّ حَرام نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَإنّي لَمْ أَرْجِعْ عَنْ ذلِكَ وَلَمْ أُبَدِّلْ. أَلا فَاذْكُرُوا ذلِكَ وَاحْفَظُوهُ وَتَواصَوْا بِهِ، وَلا تُبَدِّلُوهُ وَلا تُغَيِّرُوهُ.
أَلا وَإنّي أُجَدِّدُ الْقَوْلَ: أَلا فَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاءْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ.
أَلا وَإنَّ رَأْسَ الاَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ تَنْتَهُوا إلى قَوْلي وَتُبَلِّغُوهُ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ وَتَأْمُرُوهُ بِقَبُولِهِ عَنّي وَتَنْهَوْهُ عَنْ مُخالَفَتِهِ، فَإنَّهُ أَمْرٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنّي. وَلا أَمْرَ


الصفحة 55
بِمَعْرُوف وَلا نَهْيَ عَنْ مُنْكَر إلاّ مَعَ إمام مَعْصُوم. مَعاشِرَ النّاسِ، الْقُرْآنُ يُعَرِّفُكُمْ أنَّ الاَْئِمَّةَ مِنْ بَعْدِهِ وُلْدُهُ، وَعَرَّفْتُكُمْ أنَّهُمْ مِنّي وَمِنْهُ، حَيْثُ يَقُولُ اللهُ في كِتابِهِ: (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً في عَقِبِهِ)، وقُلْتُ: "لَنْ تَضِلُّوا ما إنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِما".
مَعاشِرَ النّاسِ، التَّقْوى، التَّقْوى، وَاحْذَرُوا السّاعَةَ كَما قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: (إنَّ زَلْزَلَةَ السّاعَةِ شَيْءٌ عَظيمٌ).
اذْكُرُوا الْمَماتَ وَالْمَعادَ وَالْحِسابَ وَالْمَوازينَ وَالْمُحاسَبَةَ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعالَمينَ وَالثَّوابَ وَالْعِقابَ. فَمَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ أُثيبَ عَلَيْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَيْسَ لَهُ فِي الْجِنانِ نَصيبٌ.


الصفحة 56
11
البيعة بصورة رسميّة
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّكُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُصافِقُوني بِكَفٍّ واحِد في وَقْت واحِد، وَقَدْ أَمَرَنِيَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ آخُذَ مِنْ أَلْسِنَتِكُمُ الاْقْرارَ بِما عَقَّدْتُ لِعَلِيٍّ أَميرِالْمُؤْمِنينَ، وَلِمَنْ جاءَ بَعْدَهُ مِنَ الاَْئِمَّةِ مِنّي وَمِنْهُ، عَلى ما أَعْلَمْتُكُمْ أَنَّ ذُرِّيَّتي مِنْ صُلْبِهِ.
فَقُولُوا بِأَجْمَعِكُمْ: "إنّا سامِعُونَ مُطيعُونَ راضُونَ مُنْقادُونَ لِما بَلَّغْتَ عَنْ رَبِّنا وَرَبِّكَ في أَمْرِ إمامِنا عَلِيٍّ أَميرِالْمُؤْمِنينَ وَمَنْ وُلِدَ مِنْ صُلْبِهِ مِنَ الاَْئِمَّةِ. نُبايِعُكَ عَلى ذلِكَ بِقُلُوبِنا وَأَنْفُسِنا وَأَلْسِنَتِنا وَأَيْدينا. عَلى ذلِكَ نَحْيى وَعَلَيْهِ نَمُوتُ وَعَلَيْهِ نُبْعَثُ. وَلا نُغَيِّرُ وَلا نُبَدِّلُ، وَلا نَشُكُّ وَلا نَجْحَدُ وَلا نَرْتابُ، وَلا نَرْجِعُ عَنِ الْعَهْدِ وَلانَنْقُضُ الْميثاقَ.
وَعَظْتَنا بِوَعْظِ اللهِ في عَلِيٍّ أَميرِالْمُؤْمِنينَ وَالاَْئِمَّةِ الَّذينَ ذَكَرْتَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ مِنْ وُلْدِهِ بَعْدَهُ، الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَمَنْ نَصَبَهُ اللهُ بَعْدَهُما.
فَالْعَهْدُ وَالْميثاقُ لَهُمْ مَأْخُوذٌ مِنّا، مِنْ قُلُوبِنا وَأَنْفُسِنا


الصفحة 57
وَأَلْسِنَتِنا وَضَمائِرِنا وَأَيْدينا. مَنْ أَدْرَكَها بِيَدِهِ وَإلاّ فَقَدْ أَقَرَّ بِلِسانِهِ، وَلا نَبْتَغي بِذلِكَ بَدَلاً وَلا يَرَى اللهُ مِنْ أَنْفُسِنا حِوَلاً. نَحْنُ نُؤَدّي ذلِكَ عَنْكَ الدّاني وَالْقاصي مِنْ أَوْلادِنا وَأَهالينا، وَنُشْهِدُ اللهَ بِذلِكَ وَكَفى بِاللهِ شَهيداً وَأَنْتَ عَلَيْنا بِهِ شَهيدٌ". مَعاشِرَ النّاسِ، ما تَقُولُونَ؟ فَإنَّ اللهَ يَعْلَمُ كُلَّ صَوْت وَخافِيَةَ كُلِّ نَفْس، (فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإنَّما يَضِلُّ عَلَيْها)، وَمَنْ بايَعَ فَإنَّما يُبايِعُ اللهَ، (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْديهِمْ).
مَعاشِرَ النّاسِ، فَبايِعُوا اللهَ وَبايِعُوني وَبايِعُوا عَلِيّاً أميرَالْمُؤْمِنينَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَالاَْئِمَّةَ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ كَلِمَةً باقِيَةً ; يُهْلِكُ اللهُ مَنْ غَدَرَ وَيَرْحَمُ مَنْ وَفى. (فَمَنْ نَكَثَ فَإنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتيهِ أَجْراً عَظيماً).
مَعاشِرَ النّاسِ، قُولُوا الَّذي قُلْتُ لَكُمْ وَسَلِّمُوا عَلى عَلِيٍّ بِإمْرَةِ الْمُؤْمِنينَ، وَقُولُوا: (سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ


الصفحة 58
رَبَّنا وَإلَيْكَ الْمَصيرُ)، وَقُولُوا: (الْحَمْدُ للهِِ الَّذي هَدانا لِهذا وَما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ). مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ فَضائِلَ عَلِيِّ بْنِ أَبي طالِب عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَقَدْ أَنْزَلَها فِي الْقُرْآنِ ـ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ أُحْصِيَها في مَقام واحِد، فَمَنْ أَنْبَأَكُمْ بِها وَعَرَفَها فَصَدِّقُوهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، مَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَعَلِيّاً وَالاَْئِمَّةَ الَّذينَ ذَكَرْتُهُمْ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظيماً.
مَعاشِرَ النّاسِ، السّابِقُونَ إلى مُبايَعَتِهِ وَمُوالاتِهِ وَالتَّسْليمِ عَلَيْهِ بِإمْرَةِ الْمُؤْمِنينَ أُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ في جَنّاتِ النَّعيمِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، قُولُوا ما يَرْضَى اللهُ بِهِ عَنْكُمْ مِنَ الْقَوْلِ، فَإنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الاَْرْضِ جَميعاً فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً.
اللّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنينَ بِما أَدَّيْتُ وَأَمَرْتُ وَاغْضِبْ عَلَى الْجاحِدينَ الْكافِرينَ، وَالْحَمْدُ للهِِ رَبِّ الْعالَمينَ.

الاثنين، 19 يناير 2015

البلاغة امثلة في التشبيه بواسطة حسين الذبحاوي

 ملحوظات هامة:
لا يمكن حذف أى من طرفى التشبيه (المشبه والمشبه به).
وجه الشبه لابد أن يكون أقوى فى المشبه به منه فى المشبه : ) فعندما تقول : الجندى كالأسد شجاعة. فالشجاعة تظهر فى الأسد أكثر مما تظهر فى الجندى وهكذا)
 
 
 
 
غمام سماحٍ لا يغب له حياً ** ومسعر حربٍ لا يضيع له وتر

فإذا قدرنا أداة التشبيه هاهنا قلنا: سماح كالغمام: ولا يقدر إلا هكذا، والمبتدأ في هذا البيت محذوف وهو الإشارة إلى الممدوح كأنه قال: هو غمام سماح.
ومن هذا النوع ما يشكل تقدير أداة التشبيه فيه على غير العارف بهذا الفن، كقول أبي تمام:
أي مرعى عينٍ ووادي نسيب ** لحبته الأيام في ملحوب

ومراد أبي تمام أن يصف هذا المكان بأنه كان حسناً ثم زال عنه حسنه، فقال: إن العين كانت تلتذ بالنظر إليه كالتذاذ السائمة بالمرعى، فإنه كان يشبب به في الأشعار لحسنه وطيبه، وإذا قدرنا أداة التشبيه هاهنا قلنا: كأنه كان للعين مرعى وللنسيب منزلاً ومألفاً.





 فيما ذكره بكلام الله تعالى حيث قال: {الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح} فمثل نوره بطاقةٍ فيها ذبالة، وقال الله تعالى: {والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم} فمثل الهلال بأصل عذق النخلة.
فالجواب عن ذلك أني أقول: أما تمثيل نور الله تعالى بمشكاة فيها مصباح فإن هذا مثال ضربه للنبي صلى الله عليه وسلم ويدل عليه أنه قال: {توقد من شجرةٍ مباركة زيتونةٍ لا شرقيةٍ ولا غربيةٍ} وإذا نظرت إلى هذا الموضع وجدته تشبيهاً لطيفاً عجيباً، وذاك أن قلب النبي صلى الله عليه وسلم وما ألقي فيه من النور وما هو عليه من الصفة الشفافة كالزجاجة التي كأنها كوكب لصفائها وإضاءتها، ويما الشجرة المباركة التي لا شرقية ولا غربية، فإنها عبارة عن ذات النبي صلى الله عليه وسلم لأنه من أرض الحجاز التي لا تميل إلى الشرق ولا إلى الغرب، وأما زيت هذه الزجاجة فإنه مضيء من غير أن تمسه نار، والمراد أن فطرته فطرةٌ صافية، من الأكدار، منيرة من قبل مصافحة الأنوار، فهذا هو المراد بالتشبيه الذي ورد في هذه الآية.
وأما الآية الأخرى فإنه شبه الهلال فيها بالعرجون القديم، وذلك في هيئة نحوله واستدارته، لا في مقداره، فإن مقدار الهلال عظيم، ولا نسبة للعرجون إليه، لكنه في مرأى النظر كالعرجون هيئةً، لا مقداراً.



 مثال:
قال تعالى( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة......... ) فالمشبه حال من ينفق القليل في سبيل الله ثم يلقي عليه جزاء جزيلا والمشبه به حال من بذر حبة فأنبتت سبع سنابل في كل واحدة مائة حبة ووجه الشبه صورة من يعمل قليلا ثم يجني الكثير من عمله.
أما وجه الشبه عندما يكون غير تمثيل فهو عكس ذلك. أي عندما لا يكون صورة منتزعة من متعدد. بعبارة أخرى هو ما يكون غير مركب أي مفردا, وكونه مفردا لا يمنع من تعدد الصفات المشتركة بين طرفي التشبيه.


 {واخفض لَهُمَا جَنَاحَ الذل مِنَ الرحمة وَقُل رَّبِّ ارحمهما كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} [الآية: 24] .
في هذا المثال تشبيه التَّذَلُّلِ لِلْوَالِدَيْنِ بتذّلل الطائر حين يخفض جناحَيْهِ أو جناحَه مُنْكَسِراً لفراخِه أو لزوجه أو لغيرهما، ولكِنْ أُضْمِر التشبيه، فلم يُذْكَرْ لفظُ المشبّه به، وإنّما كُنِّيَ عَنْه بشيءٍ من صفاته وهو الجناح، وأضيف هذا المكنَّى به إلى المشبَّه.
وهذا على ما يظهر هو من التشبيه البليغ المكنّى فيه عن المشبَّه به ببعض صفاته.



يهز الجيش حولك جانبيه ....كما نفضت جناحيها العقاب

 

 

 

 قول{عنترة مثل الأسد في الشجاعة}
أركان التشبيه
المشبه المشبه به أداة التشبيه وجه الشبه
عنترة الأســــد مثل الشجاعة والجرأة.
يقول الأعشى:ــ
كأن مشيتها من بيت جارتها مر السحابة لا ريث ولا عجل
المشبه:ــ مشيتها. المشبه به:ــ مر السحابة.
الأداة:ـــ كأن . وجه الشبه:ـ لاريث ولا عجل.

 

 وبَدا الصباحُ كأن غُرَّتهُ           وَجهُ الخليفة حينَ يُمْتَدحُ

اعتدْنَا فِيمَا مَضَى أنْ نَقرأَ أو نُحلِّل تَشبِيهاً يكونُ فِيهِ وجهُ الشَّبهِ فِي المشبَّه بِهِ أجلَى وأظهرَ مِنهُ فِي المشبَّهِ, فيُشَبَّهُ الوجْهُ المشرقُ بغرَّةِ الصَّباحِ, والوضاءُ بالشَّمسِ, والمنيرُ بالبدرِ, لأنَّ وجهَ الشَّبَهِ فِي هَذِهِ أَقوَى, أمَّا فِي هَذَا البيتِ الَّذي يقولُ فِيهِ الحِمْيَريّ: "إِنَّ تباشيرَ الصَّباحِ تُشبِهُ فِي التلألؤِ وجهَ الخليفةِ عندَ سَمَاعِهِ المديحَ، فإنَّنا نَرَى هنَا أنَّ هذا التَّشبيهَ خَرَجَ عَمَّا كانَ مستقرًّا فِي نفوسِنَا مِنْ أنَّ الشيءَ يُشَبَّه دائماً بِمَا هُو أَقوَى منه في وجهِ الشَّبهِ، إذِ المألوفُ أَنْ يقال إِنَّ الخليفةَ يُشبهُ الصَّباحَ، ولكنَّهُ عَكَسَ وقَلَبَ للمبالغَةِ والإغراقِ, بادعاءِ أَنَّ وجهَ الشبه أَقوَى في المشبَّهِ، وهذا التشبيهُ مظهرٌ من مظاهرِ الافتنانِ والإبداعِ

 

 إنما مصعب شهاب من اللــ    ـه تجلت عن وجهه الظلماء


وما من ريب في أن مدحه مصعبا أقوى وأبلغ ؛ لأنه مدحه بالشجاعة والفروسية ومدح عبد الملك بأوصاف حسية مرئية كما تمتدح ملوك العجم . 

جراحات السنان لها التئام ......... ولا يلتام ما جرح اللسان

 كأنك شمس والملوك كواكب**إذا طلعت لم يبد منهن كوكب
وبذلك يخرج عن التشبيه البليغ لوجود أداة التشبيه فيه


  

علامات ظهور الامام المهدي للسيد الشهيد محمد صادق الصدر بواسطة حسين الذبحاوي




علامات ظهور الامام المهدي
للسيد الشهيد محمد صادق الصدر كتاب رائع عن ظهور الامام المهدي "عصر الظهور" كتب مقدمة الكتاب السيد الشهيد محمد باقر الصدر وقال عنه افضل من كتب عن الامام المهدي.


في هذا الكتاب الكبير يتحدث الصدر الثاني عن علامات ظهور الامام المهدي لكنه يقول " جاءت العلامات من قبل أحاديث أئمة أهل البيت عن ظهور المهدي كأحجيات أو ألغاز والسبب عدم قدرة الأئمة بالتحدث بشكل صريح خوفا من السلطات الأموية والعباسية وأيضاً عدم استيعاب عقلية الناس ذاك الوقت لبعض القضايا العلمية الحديثة مما يجعلهم مثار سخرية المخالفين "


العلامات الأساسية قبل ظهور الامام خمسة وهي ظهور السفياني، الفزع، مقتل ملك الحجاز، الصيحة والخسف بالبيداء, وجميها تقع في فترة واحدة



العلامة الأولى: ظهور السفياني
يقول الصدر الثاني أن اسم السفياني رمز استخدمه الأئمة للتعبير عن منهج بني أمية متمثلا في أبي سفيان، وليس ضروريا أن يكون اسمه الحقيقي السفياني.

فالسفياني هي العقلية الأموية في القتل والتخريب ومحاربة الإسلام بإسم الإسلام ... ويرى الصدر الثاني أن السفياني يمثل النظام العربي المؤيد والمدعوم من الغرب.

ثم يسترسل الصدر الثاني في شرح الأحاديث الخاصة بالسفياني ويقول أن بلاد الشام تدخل في حرب بين ثلاث جيوش ( السفياني، الأصهب، الأشهب).

ويقول أن رويات أهل البيت تقول أن ظهور السفياني قبل ظهور المهدي بين ٨ اشهر إلى ١٥ شهر على اختلاف الرويات وتنتهي الحرب بين الجيوش الثلاثة بانتصار السفياني وسيطرته على كل بلاد الشام

وهنا لي أن أتسآءل
أولا: هل ما نشهده الآن في سوريا من حرب بين ثلاث جهات ينطبق عليهم السفياني الأصهب الأشهب! فكل فريق يحارب الآخر.
ثانيا: طبقا للروايات فإن بين ظهور السفياني والإمام ٨-١٥ شهرا ولكن الحرب داخل سوريا دخلت سنتها الثلاثه وثلاثة اشهر.


ظهور السفياني؟
يقول الصدر الثاني أنه مع ظهور السفياني يظهر اليماني والخرساني.

وحسب رؤية السيد الصدر فإن اليماني ليس بالضرورة أن يكون في اليمن أو من اليمن وإنما اسم اليماني رمز استخدمه الأئمة للتعبير عن اليماني وأنصاره، وكذلك اسم الخرساني رمز للتعبير عن رجل وأنصاره يظهر من بلاد فارس.

والسؤال هو : قد نعلم بشبه اليقين أن الخرساني قائد ايران وأننا إذا كنا في عصر الظهور "أن شاء الله" فإن ايران الحالية هي دولة الخرساني التي تلتحق بالإمام عندما يصل الكوفة بالعراق ويتخذها عاصمة

ولكن من هو اليماني؟ هل هم الحوثيون في صعدة اليمن! لكن الصدر الثاني يؤكد رواية أن راية اليماني افضل من راية الخرساني.
وعليه أتصور أن اليماني هو حزب الله أو حسن نصر الله ... إذا كنا في عصر الظهور.

ويمضي السيد الصدر ويقول أن السفياني يحكم العراق قبل ظهور الأمام المهدي ويرتكب الفظائع في وقت يكون العراق فيه ضعيفا مشتتا بل أن بعض شيعة العراق ينضمون لجيش السفياني ويقاتلوا الشيعة الآخرين المخلصين للإمام المهدي ... كما يذكر الصدر الثاني.

ولما يظهر الإمام المهدي بمكة ويأتي العراق داخل "أطباق من نور" تنتقل في السماء كما يروي الامام الصادق وينزل الكوفه لا يستطيع جيش السفياني منعه من دخول الكوفه

وهنا يدخل السيد الصدر في تفسير عدم مقدرة السفياني عن منع الامام من الوصول للعراق، لكنه يقول أن السفياني والذي مقره سوريا يقبل بالأمر الواقع بظهور الامام ودخوله العراق ويعقد اتفاق هدنة مع العراق التي يقودها الامام المهدي ويتبعها الخراساني بجيشه من ايران واليماني بجيشه أيضاً، ثم يندم بعض الشيعة العراقيون الموالون للسفياني ويلتحقون بالإمام

قد أكون مخطئاً لكن إذا نظرنا للعراق اليوم فهناك الأحزاب الشيعية تحارب بعضها بعضا سياسيا بل أن بعضها يؤيد الجيش الحر والقاعدة في سوريا ويرفع إعلامها، لذا طبقا لحديث السيد الصدر الثاني فإن السفياني أو القاعدة جبهة النصرة لا تحتل العراق فعليا لكنها ترتكب أبشع الجرائم يوميا ... وهي غير قادرة على منع الامام المهدي أن يحط بطائرته في الكوفة, ولكن يذكر السيد الصدر الثاني ان مجموعة من رجال الدين في الكوفة او النجف تخرج ضد الامام عند وصوله وترفض الاعتراف به إماما وتكذبه إلا انها لا تستطيع منعه من دخول الكوفه! وبعدها يقوم الامام المهدي بتطهير الكوفة عاصمته من هؤلاء

وأمنيتي أن أرى الامام المهدي يحط بطائرته في مطار النجف التي هي في محيط الكوفة!
رزقنا الله وإياكم رؤية الطلعة البهية

العلامة الثانية: الفزع
يتحدث السيد الصدر الثاني عن علامة الفزع ويقول هي حالة الهلع والخوف الشديد الذي يصيب جميع سكان الارض وليس فقط الشرق الاوسط بسبب حدث كوني مهم يهدد وجود الحياة على الارض

ويمضي الصدر الثاني في شرح الاحاديث والروايات عن ماهية الفزع, ويقول ان الروايات تتحدث عن خسوف القمر في منتصف شهر رمضان وكسوف الشمس في أخره ... ويرى السيد الصدر ان هذه الرواية لا تتلائم مع العلم الحديث وتطور العقل الانساني, فالبشر وفي عهود سابقة قبل الثورة العلمية والصناعية كانوا يخافون الخسوف والكسوف وكانوا يظنون ان القمر او الشمس قد لا يظهران مرة اخرى بعد الاختفاء, أما اليوم وفي المستقبل فلا أحد يصاب بالهلع من الخسوف او الكسوف

إذن يرى السيد الصدر الثاني ان هناك حدث كوني يصيب الناس بالهلع والخوف مما يجعل جميع البشر على الارض في حالة ترقب شديد, ولكن ما هو هذا الحدث المثير؟ يعتقد الصدر الثاني ان هناك حالة جرمية قد تصيب الارض, كنيزك او كوكيب صغير يهدد مساره للاصطدام بالارض .. وهذه ان حصلت فانها قد تبيد قارة بالكامل وربما اكثر من قارة وتشمل جميع الارض

وعند مراجعة صفحة وكالة ناسا للفضاء وجدت خبرا عن تهديد مسار نيزك ضخم باتجاه الارض عام 2019 وتحديدا الاول من شباط

تقول ناسا أن هذا النيزك يتجاوز عرضه الميل وبدأ تحركه منذ عام 2002 مما يعرض الأرض لخطر كبير ستواجهه الكرة الأرضية لأول مرة في تاريخها ومن المتوقع أن يصطدم بالأرض بحلول شباط من العام 2019 .

وبحسب ناسا فإن الارتطام سينتج عنه حرارة كبيرة جدا سيشعل النار في الغابات والمدن، ويعقب ذلك انتشار الغبار في الغلاف الجوي للأرض وحجب أشعة الشمس لمدة شهر. وسوف يؤدي ذلك بدوره إلى هلاك النباتات والحيوانات، لذلك فإن فرص البقاء على قيد الحياة سوف تكون متاحة للكائنات التي تعيش تحت سطح الأرض فقط.

الا ان العلماء يقولون إن توجه النيزك الى الارض مباشرة غير أكيد وهو تحت مراقبه شديدة ومن المبكر التأكيد انه قادم باتجاه الارض ... لكن في بداية عام 2019 سيتأكد ذلك.
والسؤال:
هل ذلك من علامات الظهور! لان العلامات الخمس يجب ان تترافق مع بعضها في نفس الفترة.

العلامة الثالثة: هلاك ملك الحجاز
يذكر السيد الصدر الثاني احاديث اهل البيت التي تتحدث عن ملك الحجاز وتسميه اخر ملوك بني العباس, ولا بد ان يكون رمزا اخر من الرموز التي يتحدث عنها الائمة ... فهناك السفياني الذي هو امتداد للمنهج الاموي السفياني وهناك الملك العباسي الذي هو امتداد للمنهج العباسي, وكلاهما ضد النبي واهل البيت.

ويقول السيد الصدر أن هلاك ملك الحجاز او اخر ملوك بني العباس يؤدي الى إنقسام بلاد الحجاز ونجد الى ثلاثة اقسام, لكل قسم أمير من العائلة المالكة يحارب بعضهم بعضا للسيطرة على كل البلاد. بعض الروايات تقول ان هلاك الملك يعقبه تولي ملك اخر لا يدوم طويلا إذ يقتل ثم يتولى اخر ويقتل وهكذا تدخل البلاد في حالة فوضى وحرب أهلية بين الامراء الثالثة.

بعض الروايات تتحدث عن اسم ملك الحجاز الذي بهلاكه تعم الفوضى البلاد وقيل اسمه "عبدالله" ويروى السيد الصدر حديث الامام الصادق "من قال لي هلك عبدالله اقول له هاك المهدي", فهل اسم عبدالله رمز للدلالة على ملك أم أن اسمه الحقيقي عبدالله.

إذن وكما يسترسل السيد الصدر الثاني فان السعودية ومع هلاك ملكها ودخولها في فوضى وحرب اهلية تقع العلامة الثالثة لظهور الامام وهي الصيحة "كما سنتحدث عنها لاحقا".

وبالنظر اليوم للسعودية فإن السلطة مقسمة بين ثلاث امراء, الحرس الوطني او ما يشابه الحرس الجمهوري تابع لابناء الملك عبدالله, الجيش النظامي او وزارة الدفاع تابعة لابناء الامير سلمان ولي العهد واخير وزارة الداخلية بتشكيلات الشرطة وقواتها تابعة لابناء الامير نايف ولي العهد السابق.

لكن السيد الصدر الثاني لم يجب على سؤال مهم جدا ولم يشير اليه! موقف امريكا من السعودية في حالة قيام حرب اهلية لان السعودية اكبر مصدر للنفط الى امريكا, فهل تتدخل امريكا عسكريا في النزاع المسلح بين الامراء ام تحتل مناطق النفط أم تجد مصدر طاقة بديل ولا تهتم بما يجري في السعودية!

العلامة الرابعة: الصيحة
الصيحة كما في المروي عن ائمة اهل البيت عليهم السلام ويذكرها السيد الصدر الثاني أن جبرئيل عليه السلام ينادي في الناس "إن الحق مع أل محمد" وبعدها بفترة قصيرة ينادي ابليس اللعين "إن الحق مع أل سفيان", غير ان السيد الصدر كعادته يقول ان اسم جبرئيل رمز للدلالة على التسديد الالهي وكذا اسم ابليس رمز للدعم الشيطاني.

ويقول السيد الصدر ان الامام المهدي عليه السلام وقبل ظهوره يرسل أحد أصحابه الى مكة في رمضان في ليلة القدر ليبلغ الناس بظهوره, صاحب الامام هذا وبعد ان يصلي الفجر يعلن للناس ان الامام سيظهر قريبا جدا, وهنا يهجم عليه اتباع السفياني في مكة ويقتلوه بين الركن والمقام.

عند دراسة هذه الرواية التي تعتبر من العلامات الاكيدة ... يمكن القول أن صاحب الامام يستولي على الاجهزة التي تعرض صلاة الصبح من الحرم المكي بشكل مباشر "كما هو الان" ويعلن للناس ببث حي قيام الامام ويقرأ رسالته التي قد تكون رسالة الامام للمسلمين خاصة ووللبشر عامة.

الظروف السياسية التي يظهر فيه صاحب الامام تكون في خضم الحرب الاهلية بين الامراء في الحجاز و لذا نجد أن أنظار العالم متوجهه لما يحدث في بلاد الحجاز التي تضم المدينة المنورة ومكه, عندها يأتي إعلان صاحب الامام في وقت هو الافضل حيث اذان الناس صاغية للاحداث في السعودية.

ولا يفوتنا دور الجيش الامريكي الذي قد يكون جزء من الحرب الاهلية السعودية لحماية منابع النفط وهنا يهتم الاعلام الامريكي والعالمي بهذا الامر بشكل مبالغ ولاي حدث صغير يحدث في السعودية, إذن إعلان صاحب الامام او قراءته لرسالة الامام سيكون في إهتمام الاعلام الامريكي والعالمي.

وأتصور ان الصيحة هي حرب إعلامية بين الامام المهدي والسفياني في اول مواجهه حقيقية بين الامام والسفياني, فالسفياني سيستعين بقنوات الاعلام الضخمه لتشويه اعلان صاحب الامام وتشوية رسالة الامام وذلك عبر قنوات اعلامية كبيرة عربية او اعلام امريكي في حين يستعين الامام باعلام ما والذي لا نعرف ما قد يكون!

وربما يكون الدجال رمزا للماكنه الاعلامية للسفياني او للنظام العربي فالاحاديث الكثيرة عن الدجال تتلخص في أن الدجال يقلب الحقائق ويزين الباطل ويغوي الناس بالاكاذيب ان السفياني وجيشه على حق, وهذا هو عمل الاعلام المضلل.

العلامة الخامسة: الخسف بالبيداء
يروي السيد الصدر الثاني احاديث الخسف بالبيداء, وذلك ان الامام عندما يظهر في مكة ويلتحق به اصحابه 313 او اكثر ويبايعونه, تكون السلطات الموجودة ببلاد الحجاز وتحديدا في مكة غير قادرة على مواجهة الامام بسبب حالة الفوضى السياسية والعسكرية لذا يستنجد اتباع السفياني في مكة بجيش السفياني في سوريا لمهاجمة الامام واصحابه واحتلال مكة.

جيش السفياني يكون مشغولا بالحرب في العراق وبلاد الشام سوريا لبنان وربما الاردن والغريب أن الروايات لا تتحدث عن حرب بين السفياني واليهود بل تتحدث عن إستهداف جيش السفياني للمسلمين فقط الشيعة والسنة.

هنا يرسل السفياني جزء من جيشه الى الحجاز وفي الطريق تنخسف بهم الصحراء ويموتون جميعا الا قلة قليلة. ولا نعلم كيف يخسف بهم هل بسلاح يمتلكه الامام او بشكل كارثة طبيعية! والروايات لا تحدد اين بالضبط يقع الخسف في اي صحراء, هل بصحراء السعودية العراق أم الاردن, وكيف ينتقل جيش السفياني فهل يحتلون الاردن أم يحتلون العراق كله ام جزء منه.

يتحدث السيد الصدر عن الدور الكردي والتركي في محاربة الامام بعد ظهوره وتقديمهم العون للسفياني ... وأتصور مما فهمته من حديث السيد الصدر الثاني ان السفياني يحكم

الخميس، 15 يناير 2015

مفهوم الإمامة في القرآن بواسطة حسين الذبحاوي

مفهوم الإمامة في القرآن 
مؤسسة الامام الصادق عليه السلام
من كلام اية الله العظمى جعفر السبحاني دام ظلة
ما المقصود من مفهوم الإمام عند أهل اللغة والقرآن الكريم؟
الجواب: لقد عرّف أئمّة اللغة الإمام تعاريف عديدة نذكر قسماً منها:
قال ابن  فارس في تعريفه:
«الإمام:كلّ مَن اقتدي به وقدِّم في الأُمور،و النبي  (صلى الله عليه وآله وسلم) إمام الأئمّة والخليفة إمام الرعية والقرآن إمام المسلمين».( [1])
وأمّا ابن منظور فقد عرفه في «لسان العرب» بقوله: 
«الإمام من ائتم به من رئيس وغيره وفي التنزيل: ( فَقاتِلُوا أَئِمّة الكُفْر )   أي قاتلوا رؤساء الكفر وقادتهم، الذين ضعفاءهم تبع لهم».
ثمّ قال:
«إمام كلّ شيء قيِّمُه والمصلح له والقرآن إمام المسلمين...».( [2]) وأمّا الفيروز آبادي في «القاموس» فقد أورد نفس عبارة اللسان ولم يضف عليها شيئاً ولكنّه ركّز القول على ذكر مصاديق الإمام وعدَّ من معاني الإمام: القرآن والنبي والخليفة وقائد الجيش، ثمّ قال بعد ذلك:
«وما يتعلمه الغلام كلّ يوم و ما امتثل عليه المثالُ ، والدليل...وخشبة يسوّى عليها البناء».( [3])
إنّ هذه  التعريفات جميعها تشير إلى معنى واحد تقريباً، وهو الشيء الذي ينبغي للإنسان الاقتداء والإئتمام به واعتباره أُسوة وقدوة ومتبوعاً له، سواء كان ذلك الشيء إنساناً أو أمراً آخر فإنّه يطلق عليه لفظ الإمام حتّى يطلق ذلك على المثال الذي يضربه المعلم لتلاميذه ويرسمه لهم وعلى قبّان البناء، وكذلك على الشاقول و...، وذلك لأنّ كلّ من المثال أو الخط أو القبّان أو الشاقول أو خيط البناء كلّها تعتبر أُسوة ونموذجاً للعمل ينبغي اعتمادها واتّباعها وتطبيق العمل وإنجازه على وفقها.
وأمّا الإمام في الاصطلاح فهو:
الإنسان الملكوتي  الكامل والمثالي، الذي يقع في قمة هرم الهداة،وهو المحور الذي يأخذ بيد الأُمّة إلى الكمال والرقي في المجالات الفردية والاجتماعية والذي يجب على الأُمّة امتثال أوامره وتوجيهاته واعتباره أُسوة وقدوة لها في أعماله وأفعاله وتقريراته.
مفهوم الإمامة في القرآن
لقد ورد لفظ الإمام مع بعض مشتّقاته في القرآن الكريم اثنتا عشرة مرة: سبع منها جاء بصورة «المفرد»، وخمس منها جاء بنحو «الجمع»،وفي جميع تلك الموارد جاءت لفظة الإمام وصفاً لأشياء متعدّدة نذكرها على نحو الإجمال:
1. الإنسان: وهو الشخص الذي يتحمّل مسؤولية إمامة وقيادة مجموعة من الناس، قال سبحانه: ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً ) .( [14])
فتارة يكون هذا الإمام مفيداً ونافعاً للمأمومين وللتابعين كما في المثال الذي ورد في الآية الكريمة، وتارة أُخرى يكون هذا الإمام مضراً لتابعيه إلى حد يوردهم المهالك ويوقعهم في المهاوي في الدارين الدنيا والآخرة، كما يقول سبحانه: ( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النّارِ وَيَوْمَ القِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ ) .( [5])
فالإمام بكلا مصداقيه سواء أكان إمام حقّ أم باطل لا يختصّ بهذا العالم، بل هما يتحمّلان مسؤولية الإمامة في الدارين، كما يقول سبحانه وتعالى وبصورة شاملة: ( يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناس بِإِمامِهِمْ... ) .( [6])
ويقول في خصوص إمامة فرعون: ( يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النّارَ... ) .( [7])
2. الكتاب: قال تعالى: ( ...وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً... ) .( [8])
3. الطريق:قال تعالى: ( فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما لَبِإِمام مُبين ) .( [9])
ففي هذه الآية عبّر عن «الطريق» بلفظ الإمام، وذلك لأنّ المسافر يتّخذ من الطريق إماماً وهادياً له ويتبعه للوصول إلى المقصد الذي يريده. 4. اللوح المحفوظ: كقوله تعالى: ( ...وَكُلَّ شَيْء أَحْصَيْناهُ في إِمام مُبين ) .( [10])
وبما أنّه قد عبّر عن اللوح المحفوظ بعنوان الكتاب، فحينئذ يمكن دمج هذا القسم في القسم الثاني، ولكن بما أنّ حقيقة وواقعية«اللوح المحفوظ» غير معلومة لنا لذلك ذكرناها هنا بصورة مستقلّة، وأمّا إذا فسّرنا هذه الآية في الإمام المعصوم، فحينئذ يدخل هذا القسم في القسم الأوّل.
فبالالتفات إلى المعنى اللغوي للإمام حينئذ يطرح السؤال التالي وبصورة جدّية: ما المقصود من جعل الإمامة في الآية؟ونحن في مقام الإجابة عن هذا التساؤل المهم نحاول تسليط الضوء على أهم شيء في هذه المسألة وهو تحليل ومعرفة ماهية وحقيقة الإمامة من خلال البحوث الآتية.
ومن العجب أنّ كثيراً من المفسّرين مرّوا على هذه المسألة المهمة مرور الكرام ولم يولوها الأهمية التي تستحقّها من البحث و التحقيق.
الإمامة في الأحاديث الإسلامية
لقد وردت روايات كثيرة على لسان المعصومين (عليهم السلام)   في هذا المجال نكتفي بذكر البعض منها، وهي:
لقد وصف  الإمام الثامن (عليه السلام)  الإمامة كالتالي:
«إنّ الإمامَةَ زِمامُ الدِّينِ، وَنِظامُ الْمُسْلِمينَ، وَصَلاحُ الدُّنْيا، وَعِزُّالْمُسلِمينَ».( [11]) وقال (عليه السلام)  أيضاً:
«الإمامُ  يُحَلِّلُ حَلالَ اللّهِ وَيُحَرِّمُ حَرامَهُ، وَيُقيمُ حُدُودَ اللّهِ، وَيَذُبُّ عَنْ دينِ اللّهِ، وَيَدْعُو إلى سَبيلِ اللّهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَالْحُجَّةِ الْبالِغَةِ... عالِمٌ بِالسِّياسَةِ، مُسْتَحِقٌّ لِلرِّئاسَةِ».( [12])
وقال الإمام الصادق (عليه السلام) :
«اتَّقُوا الْحُكُومَةَ فَإِنَّ الْحُكُومَةَ إِنَّما هِيَ لِلإمامِ ، العالِمِ بِالقَضاءِ،العادِلِ في المُسْلِمينَ».( [13])
وقال الإمام علي (عليه السلام) :
«...والإِمامَةَ نِظاماً لِلأُمَّةِ، وَالطّاعَةَ تَعْظِيماً لِلإِمامَةِ»( [14]). ( [15])
[1] . مقاييس اللغة:1/ 28.
[2] . لسان العرب:12/24مادة « أمم » .
[3] . القاموس المحيط: مادة « أمم » .
[4] . البقرة: 124.
[5] . القصص: 41.
[6] . الإسراء: 71.
[7] . هود: 98.
[8] . هود: 17.
[9] . الحجر: 79.
[10] . يس: 12.
[11] . الكافي:1/200، كتاب الحجة باب فضل الإمام، طبع دار الكتب الإسلامية.
[12] . تحف العقول: ص 440، مؤسسة النشر الإسلامي. ويمكن أيضاً مراجعة كتاب الكافي:1/200، كتاب الحجة مع اختلاف يسير مثل باب ما يجب من حق الإمام وغيره.
[13] . وسائل الشيعة:18/7، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 1، الحديث 3.
[14] . نهج البلاغة: الحكمة 252.
[15] . منشور جاويد:5/229ـ 231و 269ـ 270.
منقول من  كلام اية الله العظمى جعفر السبحاني دام ظله

الثلاثاء، 13 يناير 2015

مراحل تشريع الامامة والعدالة الاجتماعية عند الامام علي عليه السلام وتعريف الامامة لغة واصطلاحا بواسطة السيد حسين الذبحاوي

بسم الله الرحمن الرحيم

المصادر:
معهد الدراسات الاسلامية التابع لاية الله السيد محمود الهاشمي (1405-1408) ومعهد الامام الصادق عليه السلام للخطابة (1407) التابع للشيخ الخفاجي ومدرسة الامام شرف الدين (1407) بإدارة الشيخ عباس الكوراني ومعهد الامام الرضا عليه السلام التابع للشيخ الآصفي (1416-1418) .  



البحث حول المهدي (عج)  السيد محمد باقر الصدر


الامامة لغة : وفي لسان العرب: (يقال إمام القوم، معناه هو المتقدم لهم، ويكون الإمام رئيسا، كقولك: إمام المسلمين) لسان العرب، ج12، ص 26.


القرآن الكريم 

أطلق كلمة الإمام على الموْقعين معا،
 ففي مكان قال: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا}(الأنبياء/73)، وقال في مكان آخر: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ}(القصص41).
وبالنسبة إلى فرعون استخدم كلمة مناظرةً لكلمة (الإمام)، عندما قال {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}(هود/98).
فالإمام إذن هو المقتدى، ولا شأن لنا - في هذا البحث - بالإمام الضالّ، بل الذي يعنينا هو مفهوم الإمام في نفسه.
تجري الإمامة في عدّة مفاهيم منها الريادة 
والرائد لايكذب قومه
 

الامامة : عرفها الماوردي الامامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به.

وعرفها محمود نجيب : الرئاسة العامة في امور الدين والدنيا



مفهوم الإمامة في القرآن 
 
لقد ورد لفظ الإمام مع بعض مشتّقاته في القرآن الكريم اثنتا عشرة مرة: سبع منها جاء بصورة «المفرد»، وخمس منها جاء بنحو «الجمع»،وفي جميع تلك الموارد جاءت لفظة الإمام وصفاً لأشياء متعدّدة نذكرها على نحو الإجمال:
1. الإنسان:
 
 وهو الشخص الذي يتحمّل مسؤولية إمامة وقيادة مجموعة من الناس، قال سبحانه: ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً ) .( [14])
فتارة يكون هذا الإمام مفيداً ونافعاً للمأمومين وللتابعين كما في المثال الذي ورد في الآية الكريمة، وتارة أُخرى يكون هذا الإمام مضراً لتابعيه إلى حد يوردهم المهالك ويوقعهم في المهاوي في الدارين الدنيا والآخرة، كما يقول سبحانه: ( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النّارِ وَيَوْمَ القِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ ) .( [5])
فالإمام بكلا مصداقيه سواء أكان إمام حقّ أم باطل لا يختصّ بهذا العالم، بل هما يتحمّلان مسؤولية الإمامة في الدارين، كما يقول سبحانه وتعالى وبصورة شاملة: ( يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناس بِإِمامِهِمْ... ) .( [6])
ويقول في خصوص إمامة فرعون: ( يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النّارَ... ) .( [7])
2. الكتاب: 
 
قال تعالى: ( ...وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً... ) .( [8])
3. الطريق:
 
قال تعالى: ( فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما لَبِإِمام مُبين ) .( [9])


والامامة في القران وردت بالايات:



 وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين

س/ بماذا ابتلى الله تعالى النبي ابراهيم عليه السلام

اولا : يمكن جمع النبوة والامامة في شخص واحد وحدث ذلك في نبي الله ابراهيم عليه السلام

ثانيا : لاينال عهدي الظالمين يستفاد منها العصمة

اما الابتلاء الاول فهو ذبح ابنه اسماعيل
اما الابتلاء الثاني فهي النار التي القاها فيها قومه وقيل ان قومه جمعوا لها حطب اربعين يوم
ولما القي فيها جاء له  جبرائيل وقال له الك حاجة فقال اما لك لا ولله حاجتي

 يقول تعالى منبها على شرف إبراهيم خليله ، عليه السلام وأن الله تعالى جعله إماما للناس يقتدى به في التوحيد ، حتى قام بما كلفه الله تعالى به من الأوامر والنواهي ; ولهذا قال : ( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات ) أي : واذكر يا محمد لهؤلاء المشركين وأهل الكتابين الذين ينتحلون ملة إبراهيم وليسوا عليها ، وإنما الذي هو عليها مستقيم فأنت والذين معك من المؤمنين ، اذكر لهؤلاء ابتلاء الله إبراهيم ، أي : اختباره له بما كلفه به من الأوامر والنواهي ( فأتمهن ) أي : قام بهن كلهن ، كما قال تعالى : ( وإبراهيم الذي وفى ) [ النجم : 37 ] ، أي : وفى جميع ما شرع له ، فعمل به صلوات الله عليه ، وقال تعالى : ( إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ) [ النحل : 120 ، 123 ] ، وقال تعالى : ( قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ) [ الأنعام : 161 ] ، وقال تعالى : ( ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ) [ آل عمران : 67 ، 68 ]

وقوله تعالى : ( بكلمات ) أي : بشرائع وأوامر ونواه ، فإن الكلمات تطلق ، ويراد بها الكلمات القدرية ، كقوله تعالى عن مريم ، عليها السلام ، : ( وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين ) [ التحريم : 12 ] . وتطلق ويراد بها الشرعية ، كقوله تعالى : ( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا [ لا مبدل لكلماته ] ) [ الأنعام : 115 ] أي : كلماته الشرعية . وهي إما خبر صدق ، وإما طلب عدل إن كان أمرا أو نهيا ، ومن ذلك هذه الآية الكريمة : ( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن ) أي : قام بهن . قال : ( إني جاعلك للناس إماما ) أي : جزاء على ما فعل ، كما قام بالأوامر وترك الزواجر ، جعله الله للناس قدوة وإماما يقتدى به ، ويحتذى حذوه . 



 وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين 

 إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ

وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي



قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ

  وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)

 وقوله: ( يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) يقول: يرثني من بعد وفاتي مالي، ويرث من آل يعقوب النبوة، وذلك أن زكريا كان من ولد يعقوب.
 
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ{23} وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ{24}

{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ }القصص5...

وهي الاية التي نطق بها الامام المهدي عجل الله فرجه بعد ولادته المكرمة

 الامامة عهد الله وليس عهد الناس اي ان الامامة منصب الهي لان الجعل من الله

 الامامة لا ينالها غير المعصوم (( لا ينال عهدي الظالمين )) والانسان قد يكون ظالم لنفسه او لغيره او كلاهما

 الحسن والحسين امامان قاما او قعدا
 وروى البخاري أيضا بسنده عن شعبة عن الحكم عن مصعب بن سعد عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خرج إلى تبوك واستخلف عليا ، فقال : أتخلفني في الصبيان والنساء ، قال : ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه ليس نبي بعدي 
صحيح البخاري 6 / 3 


 العدالة الاجتماعية عند الامام علي عليه السلام

العدالة عكس الظلم 
رفع الظلم شيء واقع موجود فيرفع
دفع الظلم   الدفع يكون قبل وقوع الظلم

 العدالة الاجتماعية : هي دفع او رفع الظلم عن كاهل المجتمع


قال سيّد قطب في كتابه "العدالة الاجتماعيّة"[ص159]: 
"هذا التّصوّر لحقيقة الحكم قد تغيّر شيئًا ما دون شكّ على عهد عثمان - وإن بقي في سياج الإسلام - لقد أدركت الخلافة عثمان وهو شيخ كبير. ومن ورائه مروان بن الحكم يصرّف الأمر بكثير من الانحراف عن الإسلام.كما أنّ طبيعة عثمان الرّخيّة، وحدبه الشّديد على أهله، قد ساهم كلاهما في صدور تصرّفات أنكرها الكثيرون من الصّحابة من حوله، وكانت لها معقبات كثيرة، وآثار في الفتنة التي عانى الإسلام منها كثيرًا. منح عثمان من بيت المال زوج ابنته الحارث بن الحكم يوم عرسه مئتي ألف درهم.

 والأمثلة كثيرة في سيرة عثمان على هذه التّوسعات؛ فقد منح الزّبير ذات يوم ستمائة ألف، ومنح طلحة مائتي ألف، ونفّل مروان بن الحكم خمس خراج إفريقية. ولقد عاتبه في ذلك ناس من الصّحابة عل رأسهم علي بن أبي طالب، فأجاب: "إنّ لي قرابة ورحمًا" فأنكروا عليه وسألوه: "فما كان لأبي بكر وعمر قرابة ورحم؟" فقال: "إنّ أبا بكر وعمر كان يحتسبان في منع قرابتهما، وأنا أحتسب في إعطاء قرابتي" فقاموا عنه غاضبين يقولون: "فهديهما والله أحب إلينا من هديك" وغير المال كانت الولايات تغدق على الولاة من قرابة عثمان. وفيهم معاوية الّذي وسع عليه في الملك فضمّ إليه فلسطين وحمص؛ وجمع له قيادة الأجناد الأربعة ومهد له بعد ذلك أن يطلب الملك في خلافة علي وقد جمع المال والأجناد. وفيهم الحكم بن العاص طريد رسول الله الّذي آواه عثمان وجعل ابنه مروان بن الحكم وزيره المتصرّف. وفيهم عبد الله بن سعد بن أبي السّرح أخوه من الرّضاعة…الخ"



عدالة الامام علي عليه السلام

قام الامام علي بازالة الفوارق بين المسلمين وامر برد ماوهبه الاول والثاني الى بيت المال
ولقد لازمت شخصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام السامية جوهرة العدالة الثمينة،و اقترن اسمه المقدس بالعدالة،فقد كان عادلا يأنس بالعدالة و يهتم بها.
إن كل مجتمع أو جماعة أو فرد مناد بالعدالة،و يأمل في تكوين مجتمع يقوم على أساس القسط و العدل،يضع عدل علي عليه السلام نصب عينه،و يتخذ اسلوب علي عليه السلام في تطبيق العدالة و نظامه العادل قدوة له في برنامجه الذي يسعى إلى تطبيقه.
حقا لم يعرف تاريخ الانسانية شخصا كعلي عليه السلام خلد اسمه إلى الأبد و ارتسمت صورة عدالته في أذهان البشر،فقد كان عاشقا للعدالة مولعا بها إلى غايتها القصوى

المجتمع لا يطيق عدالته عليه السلام

لقد كان علي عليه السلام يعلم أن ذلك المجتمع لا يتحمل تطبيق العدالة التي يريد الإمام تطبيقها،و لما كان عليه السلام لا يتبع إلا الحق و إقامة العدل فإنه رفض قبول الخلافة بالرغم من ضغط الناس عليه و تسابقهم بالبيعة له،لأنه كان يعلم أن الإنحرافات،و التفاوت الطبقي،و عدم المساواة الذي عم المجتمع،لا يمكن أن يدعه يطبق العدالة دون إثارة العراقيل و المشاكل في وجهه و وضع الصعوبات في طريقه،و لذلك قال عليه السلام:«دعوني و التمسوا غيري،فإنا مستقبلون أمرا له وجوه و ألوان لا تقوم له القلوب و لا تثبت عليه العقول،و إن الآفاق قد أغامت و المحجة قد تنكرت،و اعلموا أني إن أجبتكم ركبت‏بكم ما أعلم،و لم أصغ إلى قول القائل و عتب العاتب،و إن تركتموني فأنا كأحدكم،و لعلي أسمعكم و أطوعكم لمن وليتموه أمركم،و أنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا». (6)
و عند ما اضطر علي عليه السلام أن يقبل الخلافة،و سار على كتاب الله و سنة رسول الله صلى الله عليه و آله و اجتهاده و رأيه الذي كان يعني إقامة العدل في المجتمع الاسلامي بالرغم من غضب أصحاب الثروات غير المشروعة و المتساهلين في أمر الدين و رفضهم لاسلوب علي عليه السلام و طريقته في إقامة العدل،و هي طريقة رسول الله صلى الله عليه و آله،و كان عليه السلام قد أشار إلى أهمية العدالة في تقسيم المال في أول خطبة خطبها حين اجتمع إليه المهاجرون و الأنصار بعد مقتل عثمان،حيث قال عليه السلام:«إني قد كنت كارها لأمركم،فأبيتم إلا أن أكون عليكم،ألا و إنه ليس لي أمر دونكم،إلا أن مفاتيح مالكم معي،ألا و إنه ليس لي أن آخذ منه درهما دونكم،رضيتم؟قالوا:نعم،قال:اللهم اشهد عليهم،ثم بايعهم على ذلك» (7) و لذلك ثارت نائرة الحقد في صدورهم فأشعلوا تلك الحروب ضد علي عليه السلام.


صور من عدله عليه السلام على مدى حكومته

و من أجل نتعرف أكثر على عدل الامام علي عليه السلام و لترسم هذه الحقيقة بأجلى صورها نشير إلى موارد توضح صورة تلك العدالة:
منها:صادر كل الأموال الموهوبة بغير حق في عهد عثمان
عندما تسلم علي عليه السلام زمام حكومة المسلمين بعد عثمان صادر كل الأموال‏الموهوبة بغير حق إلى طبقة الأشراف،و قد بين سياسته للناس عبر خطبته التي يقول فيها (فيما رده على المسلمين من قطائع) :«و الله و لو وجدته قد تزوج به النساء و ملك به الاماء لرددته،فإن في العدل سعة،و من ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق». (16)
روى ابن أبي الحديد المعتزلي في ذيل هذه الخطبة،عن ابن عباس:أن عليا عليه السلام خطب في اليوم الثاني من بيعته بالمدينة،فقال:«ألا إن كل قطيعة (17) أقطعها عثمان و كل مال أعطاه من مال الله،فهو مردود في بيت المال،فإن الحق القديم لا يبطله شي‏ء،و لو وجدته قد تزوج به النساء،و فرق في البلدان لرددته إلى حاله،فإن في العدل سعة،و من ضاق عنه الحق فالجور عليه أضيق (18) »إلى أن قال:قال الكلبي:ثم أمر عليه السلام بكل سلاح وجد لعثمان في داره،مما تقوى به على المسلمين فقبض،و أمر بقبض نجائب كانت في داره من إبل الصدقة فقبضت،و أمر بقبض سيفه و درعه،و أمر ألا يعرض لسلاح وجد له لم يقاتل به المسلمين،و بالكف عن جميع أمواله التي وجدت في داره و في غير داره،و أمر أن ترتجع الأموال التي أجاز بها عثمان حيث اصيبت أو اصيب أصحابها.
فبلغ ذلك عمرو بن العاص،و كان بأيلة من أرض الشام،أتاها حيث وثب الناس على عثمان فنزلها،فكتب إلى معاوية:ما كنت صانعا فاصنع،إذ قشرك ابن‏أبي طالب من كل مال تملكه كما يقشر عن العصا لحاها. (19)
و منها:إطفاؤه السراج لأن زيته من بيت المال
قال الكشفي الحنفي في المناقب المرتضوية:كان أمير المؤمنين عليه السلام قد دخل ليلة في بيت المال يكتب قسمة الأموال،فورد عليه طلحة و الزبير،فأطفأ عليه السلام السراج الذي بين يديه،و أمر بإحضار سراج آخر من بيته،فسألاه عن ذلك؟
فقال عليه السلام:«كان زيته من بيت المال،لا ينبغي أن نصاحبكم في ضوئه». (20) 


 الإمام علي عليه السلام رائد العدالة الاجتماعية



سعى الإمام علي (عليه السلام) منذ اللحظات الأولى لوصوله إلى الحكم نحو ترسيخ أُسس العدالة في المجتمع الإسلامي، فحارب الفقر محاربةً لا هوادة فيها، وعمِلَ على إعطاء أصحاب الفيء حقوقهم، وساوى بين الجميع في العطاء، وأمر أصحاب الأموال والثروات بدفع ما عليهم من حقوقٍ إلى بيت المال، ثمّ ندّد بأولئك الذين يأكلون الأموال بالباطل سواء بالغصب أو بالسرقة أو بالاحتكار أو الرشوة، واعتبر أن أعظم الجرائم اغتصاب مال الله من بيت المال الذي هو حقّ الأيتام والفقراء والمساكين، وحاسب هؤلاء حساباً يسيراً، وطبّق عليهم مبدأ من أين لك هذا؟.

وبهذا غدا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أعظم نموذج للعدالة والمساواة وواحداً من روادها الذين لم يعرف لهم التاريخ نظيراً.

جاء في كلام ابن الأثير المؤرّخ المعروف في وصف عدالة (الإمام عليه السلام): "إنّ زهده وعدله لا يمكن استقصاؤهما، وماذا يقول القائل في عدل خليفةٍ يجد في مالٍ جاءه من أصفهان رغيفاً فيقسِّمه أجزاء كما قسّم المال، ويجعل على كل جزء جزء، ويساوي بين الناس في العطاء، ويأخذ كأحدهم"1.

ولو نظرنا إلى زهده (عليه السلام) في الدنيا لأخذنا العجب من هذا الإنسان العظيم الذي كانت الدنيا في يده وهو يلبس الخشن ويأكل الجشب مواساةً للفقراء ويقول: "يا دنيا غرّي غيري" ولم يَخلُف في أهله إلّا سبعمائة درهم، ويفرِّق جميع ما في بيت المال ثمّ يأمر به فيُكنَس ثمّ يصلّي فيه رجاء أن يشهد له، وما شبع من مالٍ قط.

ولم يكن اهتمام علي عليه السلام بقضية العدالة الاجتماعية بمحض الصدفة، بل إنّ ذلك يرتبط ارتباطا وثيقاً بالأوضاع الفاسدة التي آلت إليها حالة العالم الإسلامي آنذاك نتيجةً لتلك السياسات الفاسدة من قبل الحكّام الذين ميزوا بين الناس في العطاء.


وذكر بإسناد صحيح عن أبي موسى الأشعري قال " ذكرنا علي صلاة كنا نصليها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إما نسيناها وإما تركناها عمدا "