الخميس، 22 يناير 2015

بنود صلح الامام الحسن (عليه السلام) بواسطة حسين الذبحاوي


تاريخ الصلح

26 ربيع الأوّل 41ﻫ.

ظروف ما قبل الصلح

بعد استلام الإمام الحسن(عليه السلام) لمنصب الإمامة، كانت أنباء جيش الشام تذاع في الكوفة والبصرة وسائر البلاد، مع شيء من المبالغة، وكان الجميع يعلم أنّ حرباً وشيكة تنتظرهم.
وعندما حشّد معاوية جيشه الجرّار الذي انتهى عدده إلى ستّين ألفاً، وقاده هو بنفسه بعدما استخلف مكانه الضحّاك، كان على الإمام الحسن(عليه السلام) أن يحشّد قوّة الحقّ أيضاً لتقابل جولة الباطل.
بيد أنّه(عليه السلام) رأى أن يراسله قبل ذلك؛ إتماماً للحجّة وقطعاً للعذر، فأرسل إليه كتاباً، هذا بعضه: «وإنّما حملني إلى الكتابة إليك، الأعذار فيما بيني وبين الله عزّ وجلّ في أمرك، ولك في ذلك إن فعلته الحظّ الجسيم، والصلاح للمسلمين، فدع التمادي في الباطل، وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي، فإنّك تعلم أنِّي أحقُّ بهذا الأمر منك عند الله، وعند كلّ أوّاب حفيظ، ومَن له قلب منيب، واتّقِ الله ودع البغي، واحقن دماء المسلمين.
فوالله ما لك خير في أن تلقى الله من دمائهم بأكثر ممّا أنت لاقيه به، وادخل في السلم والطاعة، ولا تُنازع الأمر أهله ومَن هو أحقّ به منك، ليطفئ الله النائرة بذلك، ويجمع الكلمة، ويصلح ذات البين، وإن أنت أبيت إلّا التمادي في غيِّك، سرتُ إليك بالمسلمين فحاكمتك، حتّى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين»(1).
وبعدها تُبودلت الرسائل بين القيادتين، ومنها رسائل الإمام الحسن(عليه السلام) التي كانت تقوم على الحجّة الدامغة التي ملاكها النقد والتجربة. ورسائل معاوية التي تقوم على المراوغة، وإعطاء العهود والمواثيق على تقسيم بيت المال على حساب الوجاهات، والمراتب القبلية الزائفة.
بعد ذلك وردت الأنباء بخبر احتشاد الجيش الأُموي وابتدائه بالمسير إلى الكوفة.
وكان على الإمام(عليه السلام) أن يتصدّى لمقابلته، ولكنّ طريقة تعبئة الجند عند الإمام(عليه السلام) كانت تختلف كثيراً عن طريقة معاوية في ذلك، فمعاوية كان ينتقي ذوي الضمائر الميّتة، والقلوب السود، فيشتريها بأموال المسلمين.
وكان يستدعي بعض النصارى فيغريهم بالأموال الطائلة لمحاربة الإمام(عليه السلام)، وهم آنذاك لا يرون فصيلاً من ذلك؛ لأنّهم كانوا يرون في شخص الإمام(عليه السلام) المثال الكامل للإسلام، ذلك الدين الذي يبغضونه ويعادونه.
أمّا الإمام(عليه السلام)، فإنّه كان يلاحظ في الجند أشياء كثيرة، ولم يكن يعد الناس بالوعود الفارغة ثمّ يخلفها بعد أن يستتب له الأمر، ولم يكن يهب ولاية البلاد المختلفة بغير حساب لهذا أو ذاك.
ولا كان يحمل الناس على الحرب حملاً قاسياً وهم لها منكرون، ولم يكن يبيح للجند الفتك، وهتك الحرمات، وابتياع الأسرى.
وهو(عليه السلام) يعتبر عدوّه فئة باغية من المسلمين، يجب أن تُردع بأحسن طريقة ممكنة، ولكنّ معاوية وحزبه كانوا يرون مقابليهم عدّواً سياسياً يجب أن يُمزّق بأيّ أُسلوبٍ كان.
ولذلك كان جمع الجيش ميسّراً عند معاوية، وعلى عكس الأمر عند الإمام(عليه السلام)، حيث كان ذلك من الصعوبة بمكان.





بنود صلح الامام الحسن (عليه السلام) :

بعد أن لم يبق للإمام الحسن(عليه السلام) سبيل غير القبول بالصلح وترك امر الحكم الى معاوية فترة من الزمن لكي يفتضح أمره وتنكشف سياسة بني أمية عند من كان منخدعا بظاهر سياستهم , فكتب(عليه السلام) بنود الصلح ولم يقدم فيها لمعاوية أي امتياز , ولم يعترف به رسميا كخليفة , وانما هو حاكم من الحكام , واليكم البنود :
1- تسليم الامر الى معاوية على أن يعمل بكتاب الله وبسنة رسوله (ص) وسيرة الخلفاء الصالحين .
2- أن يكون الامر للحسن(عليه السلام) من بعده [أي بعد هلاك معاوية] فإن حدث به حادث فلأخيه الحسين (عليه السلام) , وليس لمعاوية أن يعهد الى أحد .
3- أن يترك سبّ لأمير المؤمنين (عليه السلام) والقنوت عليه بالصلاة , وأن لايذكر عليا الا بخير .
4- استثناء ما في بيت مال الكوفة وهو خمسة آلاف ألف [أي خمسة ملايين ] فلا يشمله تسليم الامر , وعلى معاوية أن يحمل الى الحسن (عليه السلام) ألفي ألف درهم , وأن يفضل بني هلشم في العطاء والصلاة على بني عبد شمس , وأن يفرّق في أولاد من قتل مع أمير المؤمنين يوم الجمل , وأولاد من قتل معه في صفين ألف ألف درهم , وأن يجعل ذلك من خراج دار أبجر .
5- أن الناس آمنون حيث كانوا من ارض الله في شامهم وعراقهم وحجازهم ويمنهم , وأن يؤمن الاسود والاحمر , وأن يحتمل معاوية هفواتهم , وأن لايتبع أحدا بما مضى , ولا يأخذ أهل العراق بإحنة ., وأن لا ينال أحداً من شيعة علي (عليه السلام) وأنهم آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم , وأن لايتعقّب عليهم شيئا ولا يتعرض لهم بسوء ويوصل الى كل ذي حقّ حقّه
وأن لايبغي للحسن بن علي ولا لأخيه الحسين(عليهما السلام) ولا لأحد من أهل بيت رسول الله غائلة , سرّا ولا جهرا , ولا يخيف أحدا منهم في أفق من الآفاق .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق